37%

فكذلك حكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لسودة : أن ابن زمعة أخوها إذ ولد على فراش أبيها ، وجعله أجنبيا في أن لا يراها فحكم بحكمين : حكم في الظاهر ، وحكم في الباطن ، واتبع الشافعي في ذلك إبطال الحكم بقطع الذرايع ، وأن يكون حكما واحدا حتى قال : إن للرجل أن يمنع زوجته من رؤية أخيها. وأن قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «احتجبي عنه» إنما هو على وجه التنزه والاختيار ، وهذا خلاف لما أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عائشة في أفلج أخي ابن القعيس ، إذ قال لها : «إنه عمّك فليلج عليك»(١) ، وكان عمها من الرضاعة ، فكيف أن يمنع المرأة من رؤية أخيها.

وأدخل البخاري هذا الحديث في باب تفسير المشبهات مع الحديث : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(٢) . وهو أيضا يقوي مذهب مالك ، ويخالف قول الشافعي.

وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وللعاهر الحجر» يعني : نفي الولد عن الزاني ، وأنه لا شيء له فيه ، ولا ينسب إليه. كقول العرب : بفمك الحجر. أي : لا شيء لك.

وقال الداودي : للعاهر الحجر : يعني الرجم للزاني المحصن ، ومذهب الشافعي أن الحرام لا يحرّم الحلال ، وكذلك قال : إن أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لسودة بالاحتجاب تنزه واختيار ، ومذهب أبي حنيفة أن الزنا يحرم ـ واختلف في ذلك قول مالك ـ فمرة قال : إن الحرام لا يحرّم الحلال ، ومرة قال : إنه يحرّم ، والأغلب من مذهبه ومذهب أصحابه أنه لا يحرّم.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في العتق والوصية بالقرعة وحكم

ذات الزوج والتدبير وأمهات الأولاد والكتابة

في مصنف عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال : شهدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقضي بالدين قبل الوصية ، وأنتم تقولون : من بعد وصية يوصي بها أو دين(٣) .

ولا خلاف بين العلماء أن الدين قبل الوصية.

في الموطأ وغيره عن الحسن ، وعن محمد بن سيرين : أن رجلا في زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته ، فأسهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك العبيد(٤) .

__________________

(١) رواه البخاري (٥٢٣٩) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

(٢) رواه أحمد (١ / ٢٠٠) ، والترمذي (٢٥١٨) ، والنسائي (٨ / ٣٢٧) ، وابن حبان (٧٢٢) من حديث الحسن ابن عليرضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

(٣) رواه عبد الرزاق (١٩٠٣) ، وأحمد (١ / ٧٩) ، والترمذي (٢٠٩٥) ، وأبو يعلى (٣٠٠) وإسناده حسن من حديث عليرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه مالك (٢ / ٧٧٤) و (٢٧٢٠) وهو حديث مرسل. ورجاله ثقات ووصله مسلم (١٦٦٨) ، والترمذي (١٣٦٤) من حديث عمران بن الحصينرضي‌الله‌عنه .