«حكم رسول اللهصلىاللهعليهوسلم »
في الرسول أن لا يقتل والوفاء بالعهد
للكفار وما نزل في ذلك من القرآن
في مصنف أبي داود عن نعيم بن مسعود الأشجعي قال : كتب مسيلمة إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فسمعته يقول لرسوليه حين قرأ الكتاب : ما تقولان أنتما؟ فقالا : نقول كما قال. فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «أما والله لو لا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما»(١) .
وعن أبي رافع قال : بعثتني قريش إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فلما رأيت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ألقي في قلبي الإسلام فقلت : يا رسول الله إني لا أرجع إليهم أبدا. فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد ولكن ارجع فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع». قال : فذهبت ، ثم أتيت النبيّصلىاللهعليهوسلم فأسلمت(٢) .
وفي مصنف البخاري : أن أبا جندل أقبل يرسف في الحديد ، وفي حديث آخر يحجل في قيوده فردّه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إلى مكة للعهد الذي كان عاهدهم أن يرد إليهم من جاء منهم. قال أبو سفيان الخطابي في شرح غريب الحديث : لم يخف النبيصلىاللهعليهوسلم على أبي جندل شيئا لأنه ردّه إلى أبيه وأهله ولم يرد من جاء من النساء لأن اللهعزوجل قال «فلا ترجعوهن إلى الكفار»(٣) . وفيه حجة لمن رأى نسخ السنة بالقرآن وكذلك قال في البخاري : إن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إنما رد أبا جندل إلى أبيه سهيل بن عمرو وهو الذي كان عاهد النبيّصلىاللهعليهوسلم يوم الحديبية على ثلاثة أشياء : على أنّ من أتى من المشركين رده إليهم ، وما أتاهم من المسلمين لم يردوه ، وعلى أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام ولا يدخلها إلا بجلبّان السلاح السيف والقوس ونحوه(٤) . وقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «والعهد بيننا كشرج العتبة» يعني : إن انحل بعضه انحل كله. وكان إقبال أبي جندل قبل أن يبرح سهيل بن عمرو وقبل أن يكتب العهد.
ووقع أيضا في كتاب البخاري في كتاب الشروط وكان سهيل هذا من جملة من أسر يوم بدر. وذكر المفضل أن يوم الحديبية جاءت سبيعة الأسلمية مسلمة من مكة فأقبل زوجها في طلبها فقال : يا محمد ردّ عليّ امرأتي فهذه طينة كتابك لم تجف بعد. فأنزل اللهعزوجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ ) [الممتحنة : الآية ١٠] فاستحلفها رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بالله الذي
__________________
(١) رواه أبو داود (٢٧٦١) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٥ / ٣١٥) وقال : رواه الطبراني. من طريق ابن إسحاق ، قال : حدثني شيخ من أشجع ولم يسمه. وسماه أبو داود سعد بن طارق. وبقية رجاله ثقات.
(٢) رواه أبو داود (٢٧٥٨) من حديث أبي رافعرضياللهعنه . وإسناده صحيح.
(٣) رواه البخاري رقم (٢٧٠٠ و ٤١٨١) من حديث عائشةرضياللهعنها .
(٤) رواه البخاري (٢٧٠٠) في الصلح. باب الصلح مع المشركين. من حديث البراءرضياللهعنه .