يبعد الله إلا من أبى وظلم واعتسف وأخذ ما ليس له «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ »(١) .
( خطبة لأمير المؤمنينعليهالسلام )
٢٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ويعقوب السراج ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام أن أمير المؤمنينعليهالسلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر فقال الحمد لله الذي علا فاستعلى ودنا فتعالى وارتفع فوق كل منظر وأشهد أن لا إله
«وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ » عند انقلابهم ورجوعهم بعد الموت إلى الله.
الحديث الثالث والعشرون : حسن.
قوله عليهالسلام : « علا فاستعلى » الاستعلاء هنا مبالغة في العلو ، أي علا عن رتبة المخلوقين ، فاستعلى عن التشبه بصفاتهم أو كان عاليا بالذات والصفات ، فأظهر وبين علوه بالإيجاد أو طلب علوه من العباد ، بأن يخضعوا عنده ويعبدوه ، وعلى الأخيرين يكون الاستفعال للطلب بتقدير أو تجوز.
قوله عليهالسلام : « ودنى فتعالى » أي دنى من كل شيء ، فتعالى أن يكون في مكان إذ لا يمكن للمكاني الدنو من كل شيء ، أو دنوة دنو علم وقدرة وإيجاد وتربية وهو عين علوه وشرافته ورفعته ، فليس دنوة دنوا منافيا للعلو بل مؤيد له ، ويحتمل في الفقرتين أن يكون الفاء بمعنى الواو أي علا وكثر علاوة ، ودنى وتعالى أن يكون دنوة كدنو المخلوقين.
قوله عليهالسلام : « وارتفع فوق كل منظر » المنظر : النظر ، والموضع المرتفع ، وكلما نظرت إليه فسرك أو ساءك ، والمراد أنه تعالى ارتفع عن كل محل يمكن أن ينظر إليه أي ليس بمرئي ولا مكاني ، أو ارتفع عن كل نظر ، فلا يمكن لبصر الخلق النظر إليه ، أو ارتفع عن محال النظر والفكر ، فلا يحصل في وهم ولا خيال ولا عقل
__________________
(١) الشعراء : ٢٢٧.