ورحماته غير متناهية» ، لا يبعد أن يكونوا دائماً متصاعدين على مدارج القرب والكمال ، وكيف يمنع ذلك عنهم وقد ورد في الأخبار الكثيرة وصول آثار الصدقات الجارية والأولاد والمصحف وغيرها إلى الميِّت ، وأيّ دليل على استثنائهم عن تلك الأحكام ، بل هم آباء هذه الأمَّة المرحومة ، والأمَّة أولادهم ، وكلَّما صدر عن الأمَّة من خير وطاعة يصل إليهم نفعها وبركتها.
[في معنى العدّة]
[٢٦] ـ قالرحمهالله : «وتكون لنا عدّة وذخيرة يوم نلقى الله سبحانه ونلقاهم وسلّم تسليما »(١) .
أقول : (العُدد) ما أعددته لحوادث الدهر من المال والسلاح ، والمراد هنا ما أعدّه ليوم الحساب ، وتقريب أنّ الصلاة عليهم ذخر وعدّة لنا هو أن يقال : إنّ من المعلوم أنّ من كانت له حاجة إلى سلطان فمن آدابه المقررة في العقول والعادات أن يهدي تحفاً إلى المقربين لديه والمكرمين عليه ؛ لكي يشفعوا له عنده ، بل لو لم يشفعوا أيضاً وعلم السلطان ذلك يقضي حاجته.
وبعبارة اُخرى : من أحبه السلطان وأكرمه ورفع منزلته يجب أن يكرمه الناس ويثنوا عليه ، فإذا فعل استحق العطاء من السلطان ، وإذا لم يظهر ذلك منه استحق الحرمان ، فهم صلوات الله عليهم وسائط بيننا وبين ربّنا في إيصال الخيرات والبركات إلينا ؛ لعدم ارتباطنا بساحة جبروته وبعدنا عن حريم ملكوته ، فلا بد أن يكون بيننا وبين ربّنا سفر أو حُجب ذو واجهات قدسيّة وحالات
__________________
(١) معالم الدين : ٣.