صفات كماله ، حجّةً نيِّرة واضحة المكنون ، وآية بيّنة لقوم يعقلون ، وبرهاناً جلياً لا ريب فيه ، ومنهاجاً سوياً لا يضلّ من ينتحيه(١) .
والنهي عن التكلُّم في الله أي في ذاته وصفاته فإنَّ ما يتعلق بهما بحر زاخر لا يصل إلى أطرافه النظر ، ولا يدرك قعره البصير ، ولا يجري فيه فكر البشر ، فكلّ سابح في بحار عزّه وجلاله غريق ، وكلّ طالب لأنوار كبريائه وكماله حريق ، فإنَّ تصوَّر من ذاته شيئاً فهو يشابه ذوات المخلوقات ، وإن تعقّلَ من صفاته أمراً فهو يناسب صفات الممكنات ، وإن لم يتصوَّر منهما شيئاً ولم يستقرَّ عقلُه على أمر صار موجباً للهمّ والغمّ والتدلُّه والحيرة ، حَتَّى يؤدي ذلك إلى الجنون(٢) . ولنعم ما قيل :
فيكَ يا أعجوبة الكون | غدا الفكر كليلا | |
أنتَ حيّرتَ ذوي اللبِّ | وبلبلت العقولا | |
كلَّما قدمت فكري | فيك شبراً فرَّميلا | |
هائماً يخبط عشواء | فلا يُهدى سبيلا |
الرد على المجسّمة والمشبّهة
[٤] ـ قالرحمهالله : «المتقدّس بكمال ذاته عن مشابهة الأنام »(٣) .
أقول : (التقدّس) : التنزّه والتعبّد ، وفيه ردّ على المجسَّمة والمشبِّهة ، ولا ريب
__________________
(١) تفسير أبي السعود ١ : ٣.
(٢) شرح اُصول الكافي للمازندراني ٣ : ١٤٩.
(٣) معالم الدين : ٣.