المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه ، فأمّا الله العظيم الشأن الملك الديّان فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون الى مكان(١) .
أقول : وما اكثر ما جاء عنه من أمثال هذا الكلام في تنزيه البارىء تعالى شأنه عن صفات صنائعه ، واجتزينا بما أوردناه.
ذهب بعض أبناء الفرق الاسلاميّة الى أنه جلّ شأنه يرى بالبصر في الآخرة فقط ، أو في الدنيا والآخرة معا وما زال أهل البيت ـ لا سيّما الصادقعليه السلام ـ يبطلون هذه النسبة ويمنعون عليه تعالى الرؤية ، وسوف نورد عليك بعض الحجج من كلامه.
قال هشام : كنت عند الصادقعليه السلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين(٢) فقال له معاوية بن وهب : يا ابن رسول اللهص ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول اللهص رأى ربه ، على أي صورة رآه؟ وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربّهم في الجنّة على أيّ صورة يرونه؟ فتبسّمعليه السلام ثمّ قال : يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه ثمّ لا يعرف الله حقّ معرفته ، ثمّ قالعليه السلام : يا معاوية إن محمّداص لم ير الربّ تبارك وتعالى بمشاهدة العيان وأن الرؤية على وجهين : رؤية
__________________
(١) توحيد الصدوق : باب الحركة والانتقال
(٢) هما من أصحاب الصادقعليه السلام وأعلامهم المشهورين