30%

ولعلّ قصدهعليه السلام من النفع في الآخرة أن الصديق في الله صاحب العقل والدين لا يرشد صديقه إلاّ إلى صالح الدارين ، فيستنقذه بالهداية والنصح من العطب ، وأيّ نفع في الآخرة اكبر من هذا.

أو لأنه يستفيد من دعائه لاخراه كما قال في حديث آخر : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن دعوة مستجابة.

أو لأنه يستشفع به كما قالعليه السلام : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن شفاعة ، وقالعليه السلام : اكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإن لهم عند الله يدا يكافيهم بها يوم القيامة(١) .

بل إن الأخ المؤمن جدير بأن يجمع هذه الخلال كلّها في هذه الدانية وتلك الباقية.

الإغضاء عن الاخوان :

إن العصمة لا تكون في البشر كلّهم ، فمن الذي لا يخطأ ولا يسهو ولا يغفل ولا ينسى ، فيستحيل أن تظفر بصديق خال من عيب أو رفيق منزّه عن سقطة ، فمن أراد الاكثار من الأصدقاء لا بدّ له من أن يتغاضى عن عيوبهم ويتغافل عن مساوئهم ومن هنا قالعليه السلام : وأنّى لك بأخيك كلّه أيّ الرجال المهذب(٢) وقال : من لم يواخ من لا عيب فيه قلّ صديقه(٣) .

واذا أراد المرء بقاء المودّة من أخيه فلا يستقص عليه كما قالعليه السلام :

__________________

(١) الوسائل : ٨ / ٤٠٨ / ٧.

(٢) الوسائل ، باب استحباب الإغضاء عن الاخوان : ٨ / ٤٥٨ / ١.

(٣) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٧٨.