الباب الثاني / الفصل السادس:
الأحاديث الّتي لا تُشبِه كلام المعصوم (عليه السلام)
المَبحث الأوّل: المَعصوم في بلاغتِه وفصاحَتِه.
المَبحث الثاني: المَعصوم في خُلُقِه وسِيرَتِه.
المَبحث الثالث: مَصاديق الأحاديث الّتي لا تُشبِه كلام المعصوم.
كان النبي (صلّى الله عليه وآله) مُتميِّزاً في كلّ شيء، ومنها صفة الفصاحة والبلاغة التي عُرف بها المُجتمع الجاهلي في ذلك الوقت.
وهي من أشدّ الصفات الّتي يحتاجها النبي (صلّى الله عليه وآله) في نشر رسالته، حتّى قال موسى (عليه السلام) - عندما أُرسل إلى فرعون -: ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ... ) (536).
فقد نشأ (صلّى الله عليه وآله) في أفصح بيت في قريش - وهو بيت سَعد بن بكر - وقد ورد عنه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (أُعطيتُ جوامِع الكَلِم، واختُصرَ لي الكلام اختصاراً) (537) ، وقال أيضاً: (أنا أعْرَبكم، أنا من قريش، ولِساني لِسان سَعد بن بكر) (538).
ويظهر ذلك جليّاً عند تَتَبّع كلامه وما أُثرَ عنه من جوامع الكَلِم، وقد وصفَ أحد الأُدباء كلامه (صلّى الله عليه وآله) بأنّه (لم يسبقه إليه عربي، ولا شاركه أعْجَمِي، ولم يُدَّعَ لأحدٍ ولا ادّعاه أحد، مّما صار مُستعملاً ومثلاً سائراً) (539) .
وقد وصفَه أيضاً فقال: (وهو الكلام الّذي قلَّ عَدَد حروفه، وكثرتْ مَعانيه، وجلَّ عن الصُنعة، ونُزّه عن التَكلّف، واستعمل المَبسوط في مَوضِع البَسط، والمقصور في مَوضع القَصر، وهَجرَ الغريب الوَحشي،