20%

وصعدَ هو فوقه، واستدعى أبا الحسن (عليه السلام)، واستصعده وقال: إنّما طلبتك لتشاهد خيولي،.. وكانوا قد لبسوا التجافيف - دروع الخيل - وحملوا السلاح، وقد عرضوا بأحسن زينةٍ، وأتمّ عدّةٍ، وأعظم هيئةٍ،.. وكان غرضهُ أن يكسر قلب كلّ مَن يريد أن يخرج عليه، وكان يخاف من أبي الحسن أن يأمر أحداً من أهل بيته بالخروج على الخليفة.

فقال أبو الحسن صلوات الله عليه: (فهل أعرضُ عليك عسكري؟!

قال: نعم.

فدعا الله سبحانه، فإذا بين السماء والأرض من المشرق إلى المغرب ملائكة مُدجّجون - لابسون للسلاح - فغُشيَ على المتوكل!

فلمّا أفاق، قال له أبو الحسن: نحن لا ننافسكم في الدّنيا؛ فإنّا مشغولون بالآخرة، فلا عليك شيء ممّا تظن) (1) .

ولكن أنّى لقولة الإمام أن تدخل إلى سمع خليفةٍ أعطى أُذنيه للوشّائين، ووضعَ لحيته في أيدي المشّائين بنميم! وأنّى لها أن تدخل بسهولة إلى قلبه المظلم؛ فإنّ الكره لا ينقلب إلى حبّ على الماشي عند عَبدة الدّنيا، والخليفة هذا محاط بكَذَبةٍ يزيّنون له الأمور، ويضعون رأسه في سعير التنّور!

فدلّوني متى كان هذا (المتوكل) متوكلاً على الله أثناء خلافته، وقبلها؟!

الخليفةُ والعشيرة يقعون في الحفيرة!

يقول المَثل: مَن حفرَ بئراً لأخيه، وقعَ فيها ! والمَثل ذو دلالةٍ صادقةٍ؛ لأنّه لا يوضع إلاّ بعد آلاف التجارب الصائبة، ولذلك قالوا: إنّ المَثل نبيّ؛ لأنّه لا ينطق إلاّ بالحقّ والصّدق.

____________________

(1) الأنوار البهية: ص 253 - 254، وكشف الغمّة: ج 3 ص 185، وبحار الأنوار: ج 50 ص 155 - 156، ومدينة المعاجز: ص 551، وحلية الأبرار: ج 2 ص 475 - 476.