8%

أقول: إِن هذا الجواب صدر عن الإمامعليه‌السلام على سبيل الإسكات والإقناع، والجواب البرهاني أن يقال: إِن اللّه تعالى لا يقدر على مثل ذلك لأنه محال والمحال غير مقدور له، كما أنه لا يقدر على إِيجاد شريك له وعلى الجمع بين النقيضين والضدّين، وهذا ليس من النقص في القدرة بل للنقص في المقدور، لأن القدرة تحتاج الى أن يكون متعلّقها ممكناً في ذاته، والفرق واضح بين النقص في القدرة والنقص في المقدور، ولعلّ الديصاني لو اُجيب بمثل هذا لما اقتنع به أو لما عقله.

وروي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام سئل عن مثل ذلك، فأجاب بأن اللّه لا يُنسب الى العجز، والذي سألتني لا يكون، وهذا هو الجواب الحقيقي، ومفاده ما أوضحناه.

ثمّ إِن الديصاني غدا على هشام، فقال له هشام: إِن كنت جئت متقاضياً فهاك الجواب، فقال له: إِني جئتك مسلّماً ولم أجئك متقاضياً للجواب، فخرج الديصاني عنه حتّى أتى باب أبي عبد اللّهعليه‌السلام فاستأذن عليه فأذن له، فلمّا قعد قال له: يا جعفر بن محمّد دلّني على معبودي، فقال له أبو عبد اللّه: ما اسمك ؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه، فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك ؟ قال: لو كنت قلت له عبد اللّه كان يقول من الذي أنت له عبد ؟ فقالوا: عُد اليه وقل له يدلّك على معبودك ولا يسألك عن اسمك، فرجع اليه وقال: يا جعفر بن محمّد دلّني على معبودي ولا تسألني عن اسمي، فقال أبو عبد اللّهعليه‌السلام : اجلس، واذا غلام له صغير في كفّه بيضة يلعب بها فقال أبو عبد اللّهعليه‌السلام : يا ديصاني هذا حصن مكنون له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة، ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدرى للذكر خلقت أم للاُنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لهذا مدبّراً ؟ قال: فأطرق مليّاً، ثمّ قال: أشهد أن لا إِله إِلا اللّه وحده لا شريك له، وأن محمّداً عبده ورسوله، وأنك إِمام وحجّة من اللّه على خلقه، وأنا تائب ممّا كنت فيه(١) .

مناظرته مع طبيب

حضر أبو عبد اللّهعليه‌السلام مجلس المنصور يوماً وعنده رجل من الهند يقرأ كتب الطبّ فجعل أبو عبد اللّه الصادقعليه‌السلام ينصت لقراءته، فلما فرغ الهندي قال له: يا أبا عبد اللّه أتريد ممّا معي شيئاً ؟ قال: لا، فإن معي ما هو خير ممّا معك، قال: وما هو ؟ قال: اداوي الحار بالبارد والبارد

____________________

(١) الكافي: كتاب التوحيد منه، باب حدوث العالم وإِثبات المحدث.