25%

كلّ حين يبعث بها فنعيش بها الى قابل، ولكنّي لا يصلني جعفر بدرهم مع كثرة ماله(١) .

وكان لا يترك صِلاته حتّى لقاطعيه منهم، وحتّى ساعة الاحتضار، فإنه حين دنا أجله وكان في سكرات الموت أمر بإجراء العطاء، وأمر للحسن بن عليّ الأفطس(٢) بسبعين ديناراً فقيل له: أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة ليقتلك ؟ فقالعليه‌السلام : وَيحَكم أما تقرأون:( والذين يَصِلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب ) (٣) . إِن اللّه خلق الجنّة فطيَّبها وطيَّب ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم(٤) .

هذه نفحات من هباته السرّيّة، وصِلاته الخفيّة، التي تمثّل لك الرحمة والرأفة.

حلمُه

وكان التجاوز عليه يأتيه من القريب والبعيد، فلا يقابله إِلا بالصفح بل ربما قابله بالبّر والإحسان.

وقد مرَّ عليك شطر منه في العنوان الماضي وكثير في حياته السياسيّة في محنه وسيأتي في أبواب كثيرة، ونحن نورد لك الآن بعض ما ينبيك عن هذا الخلق الكريم.

____________________

(١) مناقب ابن شهراشوب: ٤/٢٧٣.

(٢) هو الحسن بن علي الأصغر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام وخرج مع محمّد بن عبد اللّه وكانت بيده راية بيضاء وابلى، ويقال: إِنه لم يخرج معه أشجع منه ولا أصبر وكان يقال له رمح آل أبي طالب لطُوله وطَوله ولما قتل محمّد اختفى الحسن هذا، وحين دخل الصادق العراق ولقي أبا جعفر تشفّع به فشفعه، ومع هذه الصنيعة وتلك الصلات حمل عليه بالشفرة.

(٣) الرعد: ٢١.

(٤) غيبة الشيخ الطوسي طاب ثراه، والمناقب: ٤/٢٧٣.