25%

وكم دعا لمريض بالعافية فعوفي، كما في دعائه لحبابة الوالبيّة وكانت من النساء الفاضلات، وليونس بن عمّار الصيرفي وهو من رجال الصادق الثقات، ولرجل عرض له وقد سُئل له الدعاء، ولامرأة بها وضح في عضدها، ولرجل جاءه في البيت متعوّذاً وبه بلاء شديد، الى غير هؤلاء.

وكم دعا لناس بسعة الحال فأصابوا الدعوة، كما في طرخان النخاس وحمّاد بن عيسى وغيرهما، وسنذكر ذلك في استجابة دعائه.

ولا غرابة أن يكون أبو عبد اللّهعليه‌السلام على تلك العاطفة النبيلة، وما هي إِلا بعض ما يجب أن يستشعره.

جَلده

إِن من يلمس في أبي عبد اللّهعليه‌السلام تلك العاطفة الرقيقة التي تدر دمعته وتذكي النار في قلبه رحمة، وتختطف الدم من وجهه، يستغرب كيف يكون له الجَلد الذي لا توازنه الجبال الشمّ في احتماله.

كان ابنه إسماعيل اكبر أولاده، وهو ممّن جمع الفضيلة والعقل والعبادة فكان الصادقعليه‌السلام يحبّه حبّاً شديداً، حتّى حسب بعض الناس أن الامامة فيه بعد أبيه، فلمّا مات وكان الصادق عند مرضه حزيناً عليه جمع أصحابه وقدَّم لهم المائدة وجعل فيها أفخر الأطعمة وأطيب الألوان، ودعاهم الى الأكل وحثَّهم عليه لا يرون للحزن أثراً عليه، وكانوا يحسبون أنه سيجزع ويبكي ويتأثّر ويتألّم، فسألوه عن ذلك فقال لهم: وما لي لا اكون كما ترون وقد جاء في خبر أصدق الصادقين: إِني ميّت وإِيّاكم.