25%

ندب العبّاسيّون الناس لطلب الثأر بل ندبهم الناس اليه، وكانت هذه أمضى وسيلة لنيل إربهم، فما استقرَّت أقدامهم في حظيرة المُلك إلا وراحوا يتتبعون آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكأن العترة هم الذين جنوا في تلك الحوادث القاسية يوم الطفّ، وسبوا عقائل النبوة، وأنزلوا بزيد ويحيى وغيرهما هاتيك الفظائع المؤلمة، وكأنّما القتلى والأسرى كانت من بني العبّاس والجناة عليهم العلويّون، وكأن لم يكن العلويّون هم الذين نهض الناس انتقاماً لهم، وللأخذ بتراتهم.

ما انجلت الحوادث عن طرد الاُمويّين إلا وأهل البيت صرعى تلك الحوادث بدلاً من أن ينالوا العطف من بني العبّاس لما حلَّ بهم من فواجع دامية من الاُمويّين، ولما ناله العبّاسيّون أنفسهم من المُلك الفسيح بهم.

هكذا انجلت الغبرة بعد استلام العبّاسيّين أزمة الحكم، فما نسيت الناس حوادث أهل البيت من الاُمويّين حتى كانت المقارع على رؤوسهم من بني العبّاس يتبع بعضها بعضاً من دون رحمة، ولا هوادة، ولا فترة، لماذا هذا كلّه، ولماذا كان أهل البيت دون غيرهم بيت المصائب والنوائب ؟ فلنبحث عن السبب في الفصل الآتي:

ما جناية أهل البيت ؟

هتف القرآن المجيد بآيات كثيرة في شأن أهل البيت، آمراً بمودَّتهم مخبراً عن طهارتهم، حاثّاً على الاعتصام بهم، حاضّاً على طاعتهم، معلناً عمّا لهم من جزيل الفضل وعظيم المنزلة.