16%

وأمّا الدليل على الثاني وهو وجود هذا الامام فالأمر فيه سهل بعد ما تقدّم، لأنا إِذا اعتقدنا بوجوب نصب الامام على تلك الصفات وأنه قد نصبه اللّه تعالى لخلقه اعتقدنا أنه تعالى لا يجعله مجهول الاسم والنسب ويعسر على الاُمّة معرفته، ولا نعرف في الاُمّة أئمة ادّعي فيهم ذلك وادّعوها لأنفسهم غير علي وبنيهعليهم‌السلام ، فلو لم يكونوا هم الأئمة لكانت الامامة وذلك الوجوب لغواً.

فلم يبق إذن إِلا أن نعرف عنهم أنهم اولئك العلماء الذين لا يجهلون، والعدولالذين لا يجورون، أمّا العدل فلم يحكم منهم أحد غير أمير المؤمنين وشأنه لا يحتاج إِلى ايضاح، وأمّا العلم فآثارهم ناطقة به فتتبع تجد صدق ما قيل ويقال وهذا الكتاب بين يديك رشحة من ذلك العلم الغمر(١) .

مَن هو الصادق ؟

حقّاً على الكاتب أن يعطي صورة إجمالية للمترجم له قبل أن يتغلغل في أعماق الترجمة، لئلا يكون غريباً عن القارئ عند قراءته لكل فصل من حياته.

وهنا رأيتُ أن أنقل شطراً من آراء العلماء في كلماتهم عن الصادق جعفرعليه‌السلام ، لأنها تعبّر عن آراء أجيال في هذه الشخصيّة الكريمة، واليك شيئاً منها:

فهذا الذهبي(٢) في ميزان الاعتدال (١: ١٩٢) يقول عند ذكره للامام: «جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين الهاشمي أبو عبد اللّه أحد الأئمة الأعلام برّ صادق كبير الشأن».

وممّا قاله النووي(٣) في تهذيب الأسماء واللغات (١: ١٤٩ - ١٥٠): «روى عنه محمّد بن إسحاق، ويحيى الأنصاري، ومالك، والسفيانيان، وابن جريح، وشعبة، ويحيى القطّان، وآخرون، واتفقوا على إِمامته وجلالته وسيادته، قال عمرو بن أبي المقدام: كنت إِذا نظرت إِلى جعفر بن محمّد علمت أنه من سلالة النبيّين».

____________________

(١) إِن شئت المزيد في بحث الإمامة فارجع إِلى رسالتنا المطبوعة «الشيعة والإمامة».

(٢) الحافظ المحدّث شمس الدين أبو عبد اللّه محمّد بن أحمد بن عثمان الدمشقي المولود عام ٦٧٣، والمتوفى عام ٧٤٨.

(٣) الحافظ أبو زكريا محيي الدين بن شرف الدين المتوفى عام ٦٧٦.