لأنّهم يقولون بتواتر القرآن بعد جَمْعه، فإذا كان جَمْعه في عهد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ثَبت تواتره منذ زمن حياة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتصور التحريف بعد ذلك غير معقول.
الدليل من التاريخ:
إنّ الشواهد في التاريخ تدلّ على عدم تحريف القرآن عمدا من أحد الصحابة.
فمن ذلك ما قاله عمر:( لولا أن يقول الناس: إنّأ عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي) (١) .
فإنّك ترى أنّ عمر لم يجرؤ أن يضيف إلى القرآن قصة الرجم؛ لخوفه من الناس فكيف يمكن أن يجرؤ على حذف آيات وسور من القرآن؟!!
وأيضاً: إنّ عثمان أصرّ على حذف الواو مِن آية الكنز، ولكنّ الصحابة اعترضوا عليه. عن علباء بن احمد: إنّ عثمان بن عفّان لمّا أراد أنّ يكتب المصاحف أراد أن يلقوا الواو التي في براءة( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ.. ) فقال أُبي: لتلحقنّها أو لأضعنَّ سيفي على عاتقي، فألحقوها(٢) .
واتفق مثل هذا بالنسبة للخليفة الثاني في سورة التوبة، أخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن حبيب الشهيد، عن عمرو بن عامر الأنصاري، أنّ عمر بن الخطّاب قرأ:( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصارُ - ( و ٣) - الذين اتبعوهم بإحسان) .
فرفع(الأنصارُ) ولم يلحق الواو بـ( الذين ) ، فقال له زيد بن ثابت: (والذين) ، فقال عمر:(الذين)، فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم !!!! فقال عمر رضياللهعنه : ائتوني بأُبيّ بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك، فقال أُبيّ: والذين...).
____________________
(١) سنذكر مصادر آية الرَّجْم في المباحث الآتية.
(٢) الدر المنثور: ج٣ ص٢٣٣، وقال أخرجه ابن الضريس، والميزان: ج٩ ص٢٥٦ عنه، ودراسات وبحوث في التاريخ الاسلامي: ج١ ص٩٤ عنه.
(٣) لم يقرأ الواو.