وأيضا، نُقل عن عبد الرحمن بن أسلم: أنّ الحروف المقطعة هي أسماء السور(١) ، فمع تصريحهم بأن أسماء السور قد وضعت من قبل الصحابة من جهة، وكون الحروف المقطعة هي أسماء السور من جهة أخرى - كما يقولون - فوجود هذه الحروف المقطّعة في القرآن يدلّ على التحريف.
نَسْخ التلاوة
قيل في جواب الروايات التي نقلناها فيما سبق - والتي تدل على نقص في بعض السور كالبراءة والأحزاب وغيرهما - أنّ هذا النقص قد نسخت تلاوته ونسخ من قبل الله، ويعبر عن ذلك بـ (نَسْخ التلاوة).
أمّا نحن فلا نستطيع أنّ نقبل هذا القول، بل نقول: إنّ نسخ التلاوة أمْرٌ وضِع في وقت متأخر من أجل تصحيح ما رواه أهل السنّة حول النقص في بعض السور، أو حذف بعض الآيات أو ضياع قسم منها، أو أكل الشاة له. نعم، لقد وضعوا ذلك من اجل توجيه ما رواه بعض الناس من دون فهم. لذا نرى أنّ جمعا من علماء السنّة أيضاً، ينكرون هذا النوع من النسخ.
يقول الإمام السَرْخَسي: ( لا يجوز هذا النوع من النسخ في القرآن عند المسلمين، وقال بعض الملحدين ممن يتستّر بإظهار الاسلام - وهو قاصد إلى فساده - هذا جائز بعد وفاتهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، واستدل في ذلك بما روي عن أبي بكر( لا ترغبوا عن أبائكم فإنّه كفر بكم) وما روي عن أنََس(بلّغوا عنّا قومنا أنّا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) وما قاله عمر ( قرأنا آية الرجم في كتاب الله ورعيناها) وما قاله أُبيّ: (إنّ سورة الأحزاب كانت مثل سورة البقرة أو أطول منها) - فأضاف السَرْخَسي - والشافعي لا يظن به موافقة هؤلاء في هذا القول، ولكنّه استدل بما هو قريب من هذا في عدد الرَّضَعات فإنّه صحّح ما يُروى عن عائشة أنّ مما أُنزل في القرآن:(عشر رَضَعات معلومات يحرّمن) فنسخنّ بخمس رَضَعات معلومات، وكان ذلك مما يُتلى في القرآن بعد وفاة رسول الله).
وقال السَرْخَسي بعد ذلك: ( والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى:( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ومعلوم أنّه ليس المراد الحفظ لديه تعالى
____________________
(١) تفسير ابن كثير: ج١ ص٣٦، المنار: ج١ ص١٢٢.