لا تثبت قرآنا إلاّ القول بالتحريف من ناحية الصحاح... فلذا يقول السيد الخوئي:
(ان القول بنسخ التلاوة عين القول بالتحريف والإسقاط، وبيان ذلك: أنّ نَسْخ التلاوة هذا إمّا أن يكون قد وقع من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وإمّا أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده. فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فهو أمر يحتاج إلى الإثبات، وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد، وقد صرح بذلك جماعة في كتب الأصول وغيرها(١) ، بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنَّة المتواترة، واليه قد ذهب أحمدبن حنبل في إحدى الروايتين عنه، بل كان جماعة ممّن قالوا بإمكان نسخ الكتاب بالسنَّة المتواترة منعوا وقوعه(٢) . وعلى ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بإخبار هؤلاء الرواة.
مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم تنافي جملة من الروايات التي تضمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده ( كما ذكرنا ذلك في المباحث السابقة ). وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فهو عين القول بالتحريف وعلى هذا فيمكن أن يدّعى أنّ القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة سواء أنُسِخ الحكم، أم لم ينسخْ... نعم ذهبت طائفة من المعتزلة(٣) إلى عدم جواز نسخ التلاوة )(٤) .
وقد نفى القول بنسخ التلاوة أيضا كل من: الجزيرى في كتابه ( الفقه على المذاهب الأربعة ) ج٣ ص٢٥٧، والأستاذ السايس في كتابه ( فتح المنان على حسن العريض ) ص٢١٦ و ٢١٧(٥) .
جَمْع القرآن والتّحريف
إنّ سيرة المسلمين في قِبال القرآن في التاريخ هي عدم الشكّ في آية من آيات الله، واعتقادهم بأنّه كلّه هو المنزّل من جانب الله من دون نقص أو زيادة
____________________
(١) الموافقات لأبي إسحاق الشافعي: ج٣ ص١٠٦.
(٢) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي: ج٣ ص٢١٧.
(٣) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، ج٣ ص٢٠١ و٢٠٣.
(٤) البيان في تفسير القرآن: ص٢٢٤ و٢٢٥.
(٥) راجع: التمهيد في علوم القرآن: ج٢ ص٢٨١.