التّحريف وروايات الشيعة
لقد نقل رواة الشيعة بعض الروايات التي يُشمّ منها التّحريف ووقوعه في كتاب الله ظاهراً، واستدلّ البعض - من غير المُتَثَبِتين في الأمور - بهذه الروايات على أنّ الشيعة قائلون بالتحريف. ونحن نقول في جواب هؤلاء المستدلِّين:
١ - إنّ ذكر الروايات ونقلها في الكتب لا يعني الاعتراف الضمني بصحتها، لا سيّما عند عامة الإمامية، وكذلك الحال بالنسبة لأهل السنّة، وإن كانوا يعتقدون بصحة كل ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من الصحاح الستة، وكيف يمكن قبول دعوى صحة كل ما في الكتب في حين نجدهم يذكرون روايات متناقضة في كثير من المسائل الإسلامية من الأصول والفروع، وعلى فرض تصريح مُصَنِف بأنّه ذكر الروايات الصحيحة فقط، فإنّه لا يمكن الاعتماد على قوله والحكم بصحة جميع مَرْويّاته.
وخلاصة الأمر هي: أنّ الشيعة لا يعتقدون بصحة جميع مرويّاتهم. ولذا ذكروا أسانيد الأحاديث لكي ينظر المدقق ويتحقق - بعد إنعام النظر في رجال الحديث، أو غير ذلك من المزايا - من صحة الحديث أو ضعفه. وهذا ما ينسحب على كتاب الكافي وغيره من كتب الشيعة.
أمّا بالنسبة إلى تفسير القمّي، الذي ذكر بعض هذه الروايات، فنقول: إنّ ما ذكرناه آنفا يشمل هذا الكتاب أيضاً، إضافة إلى أنّه قد خلط مع تفسير آخر يسمى بـ (تفسير أبي الجارود) وقد ذكر ذلك وثبته: الشيخ آقا بزرك الطهراني(١) . فهذا التفسير - تفسير أبي الجارود - بالإضافة إلى أنّ في سنده كثير بن عيّاش - وهو ضعيف - فإنّه ينتهي إلى أبي الجارود المنحرف عن مدرسة أهل البيتعليهمالسلام ، والذي كان قد لعنه الإمام الصادقعليهالسلام - كما قال ابن النديم - وقال فيه وفي جماعة آخرين بأنهم كذابون، ووردت روايات في جرحه وعدم مقبوليّته عند أهل البيتعليهمالسلام (٢) .
____________________
(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج٤ ص٣٠٣ - ٣٠٤.
(٢) مجمع الرجال: ج٣ ص٧٣ و٧٤، وقاموس الرجال: ج٤ ص٢٢٨ و٢٣٠، وجامع الرواة: ج١ ص٣٣٩.