14%

وردت كلمة الفتنة في العديد من آيات القرآن بمعنى الاضطراب الناجم عن الامتحان، جاء في القرآن الكريم :( أَنّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ) (١) ( وَنَبْلُوكُم بِالشّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) (٢) وقد تُطلق كلمة الفتنة على العذاب والأذى.

من البديهي أنّ الآية الموضوعة على بساط البحث :( هُوَ الّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنّ أُمّ الْكِتَابِ وَأُخَرَ مُتَشَابِهاتٌ فَأَمّا الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ) ، جاءت فيها كلمة ( الفتنة ) بمعنى الفتنة في الدين؛ وذلك لأنّ اتّباع المتشابهات لا يتناسب مع معنى الامتحان والابتلاء، والذين يتبعون متشابهاته لا يبغون إيذاء وتعذيب الآخرين، وكذلك الفتنة هنا لا تعني الحرق والكي بالنار، وإنّما فتنتهم تأتي انطلاقاً من محاولتهم التشبّث بالآيات المتشابهة من أجل؛ إيجاد القلق في نفوس الناس وزعزعة معتقداتهم الدينية وإضلالهم.

موقف القرآن إزاء الفتنة في الدين

( الفتنة في الدين ) بالمعنى الذي سبق شرحه تعدّ مواجهةً خفيةً، ونوعاً من الخداع والتحايل، ويأتي هذا العمل تحت غطاء الإيمان الظاهري بهدف القضاء على أصل الدين، هؤلاء المثيرون للفتنة يتستّرون تحت نقاب النفاق؛ لإخفاء أفكارهم الشيطانية، بحيث يغدو من العسير على الناس العاديين معرفة دوافعهم المناهضة للدين، ولهذا السبب اعتبر القرآن هذه الممارسة أكبر الذنوب، ولفت أنظار الناس إلى هذا الخطر العظيم الذي يهدد دنياهم وآخرتهم، داعياً إيّاهم إلى أن يهبّوا لمجابهته دفاعاً عن كيانهم المادي والمعنوي.

يتّبع الأعداء عادةً أسلوبين رئيسيين لمجابهة الإسلام والمسلمين، وسنطّلع هنا في سياق توضيح أساليب أعداء القرآن والثقافة الدينية، على موقف القرآن في مواجهة مؤامرات الأعداء.

____________________

(١) الأنفال : ٢٨.

(٢) الأنبياء : ٣٥.