28%

ثرواتهم، فهو في الحالة الثانية ينزل إلى الساحة بسلاح القلم والبيان؛ لحرف وإفساد أفكارهم، وإذا كان العدو في حالة الهجوم العسكري يواجه الجنود المسلمين بأبشع أنواع القسوة، فهو في حالة الهجوم الثقافي يدخل بوجه بشوش ومن باب الحرص، وإذا كان المسلمون - في حالة الهجوم العسكري - يعرفون عدوّهم تمام المعرفة، ففي حالة الهجوم الثقافي لا تكون معرفة العدو أمراً سهلاً، وإذا كان العدو في حالة الهجوم العسكري يهدف إلى القضاء على الأجسام الترابية، بواسطة ميادين الألغام والمعدّات الحربية المتطوّرة، فهو يحاول في حالة الهجوم الثقافي الاستحواذ على الأرواح والأفكار، من خلال نصب حبائله الشيطانية، وإثارة الشبهات التي لا أساس لها من الصحة، ويعمل على إفراغهم من الداخل؛ لغرض سوقهم في اتجاه خدمة مصالحه.

وفي حالة الهجوم العسكري إذا كان العدو قوياً فهو يقتل عدداً من جنود الإسلام، ويخرجهم من هذه الدنيا الدنيّة المادية، أمّا في الهجوم الثقافي فالشياطين يتربّصون للإيقاع بالشباب الطيّبين، الذين ليس لديهم معرفة كافية بالعلوم والمعارف الدينية، وهم يمثّلون ثروةً قوميةً هائلة للشعب المسلم، ممّا يؤدّي بهم إلى الانحراف والسقوط في مستنقع اللادينية، ومع أنّ الأعداء لن يجنوا شيئاً من هذا الأسلوب المناهض للدين، وأنّ أبناء الشعب المسلم خاصة الشباب المسلمين المثقفين، الذين خرجوا مرفوعي الرأس من الهجوم العسكري، أوعى من أن يكونوا في غفلة عن انتقال العدو من الجبهة العسكرية إلى جبهة الصراع الثقافي، لكن القرآن الكريم ونتيجةً لجسامة خطر الهجوم الثقافي، وما يتمخّض عنه من مردودات وعواقب وخيمة - تأتي بسبب هزيمة المسلمين في جبهة الهجوم الثقافي - قد ركّز على ذلك، وطلب من المسلمين في سياق تحذيره لهم في هذا المجال مجابهة أعداء الله والدين بكل ما أوتوا من قوّة.

تحذير القرآن من الفتنة الثقافية

بما أنّ خطر ونتائج الهزيمة في الهجوم الثقافي - خلافاً للهجوم العسكري - تنعكس على