14%

ميادين الفكر والعقائد الدينية للناس، ممّا يعني أنّ الغفلة عنها تؤدّي إلى المخاطرة بإنسانية المسلمين وسعادتهم في الدنيا والآخرة، من هنا فقد اهتم القرآن بهذا الموضوع اهتماماً بالغاً وحذّر منه.

لا يخفى على المسلمين الواعين بأنّ النتائج التي تتمخّض عن الهزيمة في جبهات الصراع الظاهري والفتنة العسكرية، ليست ذات أهمية تذكر بالمقارنة مع نتائج الغفلة عن الهجوم الثقافي؛ وذلك لأنّه في حالة الهجوم العسكري تتعرض حياة المسلمين لأيام معدودات للخطر، ولكن في حالة الهجوم والفتنة الثقافية، فإنّ خطراً جاداً يهدّد عقائد المسلمين ودينهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

لهذا السبب اعتبر القرآن خطر الفتنة في الدين والهجوم الثقافي أعظم من خطر الهجوم العسكري، فحذّر المسلمين من الغفلة عنه، معتبراً أهميته وخطر الحرب والفتنة العسكرية أقل من خطر الهجوم الثقافي.

يقول القرآن الكريم :( وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ القَتْلِ ) (١) ونحن ندري طبعاً أنّ معارضي القرآن والثقافة الدينية في صدر الإسلام وزمن نزول آيات القرآن، كانوا غالباً ما يحاولون القضاء على الإسلام والمسلمين بالهجوم العسكري والمواجهة الحربية في ميادين القتال، ولكن مع كل ذلك فإنّ الحساسية التي يبديها القرآن إزاء الفتنة الدينية والثقافية أكبر ممّا يبديه إزاء خطر الهجوم العسكري، يقول القرآن :( وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) (٢) أي أنّ فكرة الشرك أكبر خطراً من الهجوم العسكري والقتل، وإثمها أشد من إثم القتل، وقد سبق أن بيّنّا أسباب كون الفتنة الثقافية أكبر.

الشرك في ثوب جديد

كانت فكرة الشرك تسير بموازاة فكرة التوحيد، وتستحوذ طيلة التاريخ على جزء من

____________________

(١) البقرة : ١٩١.

(٢) البقرة : ٢١٧.