14%

والتوحيد، وهو ما تتوقف عليه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، فحري بالإنسان أن يتأمّل ويعيد النظر بأفكاره ومعتقداتها، ويعرضها على القرآن وعلوم أهل البيت، وينقدها في ضوء المنطق والعقل السليم وبعيداً عن الأهواء؛ لأنّه في مثل هذه الحالة فقط يستطيع الإنسان الإفلات من فخ تخيلاته الشيطانية، وينجو من السقوط في هاوية الضلال، ومن الطبيعي أنّ الانتصار على نوازع النفس عمل عسير وشاق جداً، وليس عبثاً أن يعتبره الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الجهاد الأكبر، خاصة إذا كان المرء في موقع يشجّعه فيه الشياطين وأعداء التوحيد والإسلام، ويكونون على استعداد ليصنعوا منه شخصيةً عالمية من أجل تحقيق مآربهم السياسية والاستعمارية ومجابهة الإسلام، ورغم أنّ عودة الإنسان إلى رشده في مثل هذا الظرف، والدخول في ميدان الجهاد الأكبر، والإعراض عن وعود ووعيد الشياطين وأعداء الإسلام، عمل إعجازي ومثير للدهشة إلاّ أنّه ليس مستحيلاً، فليسوا قلةً في التاريخ الأشخاص الذين عادوا إلى رشدهم في لحظة، وانتزعوا أنفسهم من حبائل شياطين الجن والإنس والأهواء، ونجوا من الهلكة وعادوا إلى أحضان التوحيد.

نبوءة القرآن بوقوع الفتنة في الدين

لقد بيّن القرآن الكريم للمسلمين سُبل بلوغ السعادة والتكامل، وأضاء أمام طلاّب الحقيقة طريق الهداية المستقيم كالمشعل الوضّاء الذي لا يخبو أبداً، وقد أزاح الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً غبار الشرك والكفر عن وجه الإنسانية، وغرس في نفوس وقلوب المتعطّشين للحقيقة بذور الأمل والنجاة، وتعاهدها بالرعاية، وأرسى صرح الحكومة على أساس التوحيد.وفي تلك الظروف لم يكونوا قلةً أولئك الذين دخلوا الإسلام انطلاقاً من دوافع مصلحية، وما كان إيمانهم يتعدى اللسان، ولم يدخل التوحيد إلى قلوبهم، وكان من الطبيعي أنّ مثل هؤلاء الأشخاص يقدّمون أهواءهم ورغباتهم على