ينتبهوا جيداً لمقتضيات وعواقب كلامهم قبل أن يبدوا وجهة نظرهم ويتكلموا، لعلّهم في مثل هذه الحالة يرعوون عن النطق بكلام تفوح منه رائحة الفتنة في الدين، ويُخلصون أنفسهم من فخ الشيطان وأعداء الإسلام والقرآن.
عرفنا ممّا تقدم بيانه لحد الآن، أنّ أساليب أعداء الدين والقرآن تختلف كلياً في إطار الفتنة والهجوم العسكري عمّا عليه في هجومهم في صيغة الهجوم والفتنة الثقافية، لقد تقدم القول إنّهم - وفي إطار الفتنة الثقافية وعلى العكس من الهجوم العسكري - لا يظهرون بشكل سافرٍ في موقف إنكار الدين ومعارضة الثقافة الدينية للناس، ولا يعبّرون بشكل صريح عن معتقداتهم القلبية؛ لأنّ المستمعين - في مثل هذه الحالة - لكلام هؤلاء وبعد قليل من التأمل إمّا أن يقبلوا هذا الكلام أو يدركوا بطلانه، وفي جميع الأحوال فإنّ الضلال الحاصل في حالة القبول بعقائدهم الباطلة إنّما يكون قد جاء عن علم ودراية، وما وقع لا ينطوي تحت عنوان الفتنة لأنّ الإضلال لم يقع عن طريق الخداع وتضليل الأفكار.إنّ ما يجري اليوم في مجتمعنا من فتنة ثقافية، ويقوم به أعداء القرآن والثقافة الدينية بكل جدّ عن طريق الغزو الثقافي هو، العمل على توتير وتعتيم الجو الثقافي للمجتمع بنحو يفقد معه الشعب لاسيما شريحة الشباب من الطلبة القدرة على التمييز بين الحق والباطل، ويقعون دون إرادة منهم في مصيدة أفكارهم الباطلة والمنحرفة، ومن الطبيعي إذا ما أُصيبت الطبقة المثقفة في البلاد بانحراف فكري فستتهيّأ الأرضية لضلال وانحراف الرأي العام في ذلك المجتمع؛ لأنّه إذا فسد العالِم فسد العالَم.
بناءً على هذا؛ إنّ الفتنة الثقافية المذكورة، التي حذّر منها النبيصلىاللهعليهوآله من أخطر الأمور التي تهدّد سعادة الناس في الدنيا والآخرة، ويبدو أنّه من أجل التصدي لمثل هذه