28%

يجهلون أحكام وموازين الشرع والدين فهم يخوضون في وَحل الشبهات، ففي معرض الكلام يقولون : إنّنا نتحاشى البدع والأحكام المخالفة للدين بينما هم يرقدون في وسط البدع، وكل ما يدلون به في شأن الدين على أساس رأيهم هو بدعة، وأمثال هؤلاء رغم أنّهم بصورة إنسان لكن قلوبهم وأرواحهم قلب وروح حيوان؛ لأنّهم لا يعرفون باب الهداية ليهتدوا، ولا يعرفون باب الضلال والغواية كي يتجنبوه، وهؤلاء أموات بين الأحياء.

ثمّ يخاطبعليه‌السلام الناس قائلاً : بعد اتضاح الحق من الباطل ومعرفة أتباع كلٍّ منهما، وقد ارتفعت رايات الحق وتجلت وبانت معالمه فأين تذهبون ؟! لماذا تحرمون أنفسكم من علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، وتبقون حيارى تائهين وبين ظهرانيكم صراط الهداية المستقيم، وعترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبإمكانكم الانتهال من أنوار هداية الأئمةعليهم‌السلام ؟!.

وفي بيان أشد بكثير من كلامهعليه‌السلام يذكر القرآن الكريم هؤلاء الجَهَلة المتظاهرين بالعلم، ويوجّه التحذير للناس من مكائدهم فيقول :( وَكَذلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى‏ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) (١) .

بالرغم من أنّ أعداء الأنبياء ومناوئي الهداية الإلهية بشر في الظاهر والصورة، ولكن بما أنّ جميع أفعالهم لا مردود منها سوى إضلال الآخرين، ولا عاقبة لها سوى إثارة الشبهات، وبالتالي إضعاف العقائد الدينية لدى الناس، ومواجهة الهداية الإلهية، فإنّ القرآن يصفهم بشياطين الإنس، ويحذّر الناس من اتّباعهم.

تعامل عبيد الدنيا المتظاهرين بالإسلام مع القرآن

إنّ الذين ليسوا أقوياء من حيث الإيمان بالله ولوازمه، ولم يترسّخ الإيمان في قلوبهم

____________________

(١) الأنعام : ١١٢.