النبي الأكرمصلىاللهعليهوآله بنحو كان الناس يستطيعون تعلّمه وحفظ آياته، وأن يكون القرآن في متناولهم بشكل كامل.
من الخصائص المهمة الأخرى لهذا الكتاب السماوي، هي أنّ الله سبحانه وتعالى مَنَّ على الأمّة الإسلامية، وتعهد بنفسه الحفاظ على القرآن الكريم من أي خطر، بالإضافة إلى أنّ النبي الأكرمصلىاللهعليهوآله اهتم بتعليم المسلمين القرآن، وحفظ آيات الله، بحيث أنّ عدداً كبيراً من المسلمين كانوا على عهد رسول اللهصلىاللهعليهوآله حفّاظاً للقرآن، ويحتفظون بنسخ الآيات التي كانت تنزل تواً، ويقومون بحفظها تدريجياً، فكان القرآن يصبح في متناول الجميع عن طريق استنساخ هذه النسخ، أو تناقلها من صدر حافظ إلى صدر حافظ آخر.
يقول عليعليهالسلام : ( كِتَابُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ )، أي كتاب الله فيما بينكم وفي متناولكم، ( نَاطِقٌ لا يَعْيَى لِسَانُهُ )، من المناسب التركيز والتأكيد على هذه العبارة؛ إذ يصرّحعليهالسلام أنّ هذا الكتاب ناطق لا يعتري لسانه التعب، فلا يملّ من الكلام ولا يتلكأ، إنّه بناء لا تهتز أركانه، وظافر لا تُهزم أعوانه.
من ناحية يقول الإمام عليعليهالسلام في نهج البلاغة واصفاً القرآن : إنّه كتاب ناطق يتكلم ولا يعيى من الكلام، وهو يتحدث ويدلي بكلامه بكل وضوح، ومن ناحية أخرى يقول إنّ القرآن ليس ناطقاً ويجب استنطاقه، وأنا الذي أُبيّن القرآن لكم، وجاء في بعض العبارات أحياناً أنّ القرآن ( صامت ناطق )(١) فما معنى هذا الكلام يا ترى ؟
يبدو أنّ هذه العبارة تبيّن نظرتين مختلفتين لهذا الكتاب السماوي، فرؤية فيها القرآن كتاب مقدّس لكنّه صامت منزوي لا يكلم أحداً ولا لأحد علاقة به، وفي رؤية
___________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٤٧، جدير بالذكر أنّ كافة الهوامش المذكورة في هذا الكتاب عن نهج البلاغة تستند إلى نهج البلاغة لفيض الإسلام.