الأمر الذي ينبغي الالتفات إليه قبل كل شيء هو الإيمان بقول عليعليهالسلام ، أي يجب أن نعتقد بكل كياننا أنّ العلاج الحقيقي لأمراضنا ومشكلاتنا الفردية منها والاجتماعية يكمن في القرآن، ونحن جميعاً نعترف بهذا الأمر لكن مراتب الإيمان واليقين لدى الناس متفاوتة، فرغم أنّ هنالك أناساً يعتقدون بكل كيانهم أنّهم إذا ما اقبلوا على القرآن واستعملوا معارفه وإرشاداته، فإنّ القرآن وصفة شافية لجميع الأمراض، لكن أمثال هؤلاء نادرون، ولعلّ من أعظم المشكلات التي يعانيها مجتمعنا هي ضعف الإيمان بهذا الأمر، وهذا ما أدى إلى أن تبقى الكثير من المشكلات على حالها، ونتيجةً للجهل أو انحراف الفكر ربّما ينبري أناس لإثارة هذه الفكرة الضالة : من أنّه رغم أنّ القرآن بين أيدينا ونحن ندّعي اتّباعه فلماذا لم تُعالج مشكلاتنا، وما فتئ الناس يكابدون المصاعب الاقتصادية، من قبيل التضخم والغلاء، وآلاف المشاكل الفردية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية ؟ نقدم هنا إيضاحات للرد على هذا التساؤل.
يبدو أنّه من السذاجة بمكان أن يتوقع أحد أن يقوم القرآن بالحديث عن الأمراض والمشاكل الفردية والاجتماعية، واحدة واحدة، كما في الكتب الخاصة بعلاج المشاكل، ومن يقدّم توضيحاً لعلاجها بالتسلسل، إنّ للقرآن شأناً بالمصير الأبدي للإنسان، وهدفه فلاح الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة، وبهذا الصدد فإنّ القرآن الكريم يقدّم لنا الخطوط العامة، التي نستطيع من خلال تفعيلها أن نحيى حياة ملؤها السعادة، فهذه الخطوط العامة مصابيح تؤشّر لنا اتجاه المسير والحركة، ولكن ينبغي أن ننتبه إلى أنّ الله عزّ وجلّ وضع تحت تصرّف الإنسان وسيلتين؛ لبلوغ السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، وعلاج المشكلات وإقامة المجتمع الحضاري، وفي نفس الوقت الديني والإسلامي، أحدهما الدين والآخر العقل.