14%

إنّ القرآن يوضّح الخطوط العامة لرقي الإنسان وتكامله، والمجتمع الإسلامي مكلّف بتمهيد الأرضية لتحقيق أهداف القرآن السامية، وذلك بقوة الفكر والعلم والاستعانة بالتجارب العلمية للإنسان، والقرآن لا يكتفي بعدم النهي عن الاستعانة بالتجارب العلمية للآخرين - حتى غير المسلمين - بل يعتبر العلم وديعةً إلهية ويحثّ المسلمين على تعلّمه، ولغرض ترغيب المسلمين وتشجيعهم على طلب العلم يقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اطلبوا العلم ولو بالصين )(١) ، فتعلّموا العلم واستثمروا التجارب العلمية للآخرين، وإن استلزم تحقّق ذلك قطع طريق طويل جداً، وبطبيعة الحال أنّ العلاقات الدولية اليوم في غاية التعقيد، والدول الاستكبارية والقوى السلطوية تحاول من خلال شتى الألاعيب، ومختلف الوسائل التكنولوجية والاقتصادية، عبر الاستفادة بشكل عام من نتائج التجارب العلمية للإنسان، أن تفرض علاقاتها السلطوية، ولكن يتعيّن علينا أن نستثمر وبذكاء حاد ودون أدنى تراجع عن أهدافنا الإسلامية والقرآنية، ثمار العلوم البشرية في مختلف الأصعدة في طريق إنعاش الوضع الاقتصادي، وعلاج المشكلات المعاشية للناس.

بناءً على هذا أنّ القرآن لم يكن وليس بصدد الإجابة على جميع المشاكل الحياتية للإنسان صغيرها وكبيرها، بل هو يبيّن الخطوط الجوهرية والعامة لسعادة الإنسان وتكامله، ويدلّ المسلمين عليها ويدعوهم إليها، وفي هذا المقطع وعلى هامش حديث عليعليه‌السلام حول شفاء القرآن نشير إلى أحد الخطوط العامة المستوحاة من القرآن، ونقدّم إيضاحاً له كأنموذج.

نموذج من الخطوط العامة في القرآن

يقول القرآن الكريم :( وَلَوْ أَنّ أَهْلَ الْقُرَى‏ آمَنُوا وَاتّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ

____________________

(١) بحار الأنوار : ج ١، ص ١٧٧.