وإقرار النظام يقف على أساس واجبات كل حكومة، ويقال أيضاً إنّ إقرار النظام السياسي والاجتماعي من أهداف علم السياسية، وقد دأبت كافة الأنظمة السياسية الحاكمة على المجتمعات البشرية على الحديث عنه كأهم أهداف نظامها الحكومة، ولو في شعاراتها وإعلامها على أقل تقدير.
لابد هنا من الانتباه إلى دور الهدف في الحياة الاجتماعية؛ لأنّه لا يمكن التحدّث عن النظم الاجتماعي دون اتخاذ هدف في الحياة الاجتماعية، وهذا الهدف يقتضي سلوكيات خاصة، وبأداء هذه السلوكيات الخاصة في إطار الحياة الاجتماعية يحاول الناس بلوغ ذلك الهدف، الذي هو بدوره منبثق عن ثقافة وفكر أبناء المجتمع، بنحو أنّ كل مجتمع يحتاج إلى نظام اجتماعي معيّن وفقاً لطبيعته الأَوّلية وفي إطار ثقافته وفكره؛ لذلك تحاول القوى الاستعمارية وفي إطار سياستها الاستكبارية جرّ الشعوب باتجاه أهدافها الاستعمارية، وتفريغها من ثقافتها الأصلية، وأن تُمسك بأنظمة الشعوب وثقافتها من خلال فرض ثقافة دخيلة.
بناءً على هذا يجب تحري أيّ نظم تقتضيه الثقافة والفكر الذي يسود المجتمع، ومن البديهي أنّ الثقافة الدينية المنبثقة عن القرآن والرؤية التوحيدية للكون، تستدعي نظماً وسياسةً تصب باتجاه تحقق الهدف من الخلقة، وتوفير السعادة والفلاح للإنسان في الدنيا والآخرة؛ لأنّ سعادة الإنسان وتكامله هي غاية الإسلام والقرآن بالأساس.
ومع شديد الأسف أنّ بعض المثقفين والليبراليين، الذين هم مسلمون من جهة، ويفتقرون للبصيرة الكافية في القضايا السياسية والاجتماعية في الإسلام من جهة أخرى، وبالتالي فإنّ الهاجس والتعصب الديني ضعيف جداً لديهم، غافلون عن هذا الأمر المهم، وعندما يجري الحديث عن النظم الاجتماعي يتداعى إلى أذهانهم النظم