ويقين قلبي بها، ويضعون قوانين القرآن وتعاليمه نصب أعينهم على الصعيد العملي، وإلاّ فلن يحكم على المجتمع، وعليه فإنّ حاكمية القرآن في المجتمع رهن بإيمان كوادر الحكومة، واعتقادهم القلبي بهذا الكتاب السماوي، وهذا الأمر بدوره منوط بمعرفتهم بهذه الوصفة الإلهية الشافية، وشعورهم بالحاجة للدين والحكومة الإلهية، وهذا الشعور لا يتأتى إلاّ بخلق روح العبودية وإزالة روح الاستكبار والتعالي في مقابل حاكمية الله سبحانه وتعالى، فروح الاستكبار هي تلكم الروح المذمومة التي هبطت بالشيطان من رحاب التشرف بمرتبة الملائكة والقرب من عرش الله وتسبّبت بشقائه الأبدي.
جدير في هذا المجال أن نصغي لكلام عليعليهالسلام في الخطبة ١٧٥ التي يبيّن فيها العواقب الوخيمة للابتعاد عن القرآن الكريم، فهذا الكلام إنذار للذين يصفون أنفسهم أتباعاً لعليعليهالسلام من جهة، ومن جهة أخرى يرون عدم كفاية القرآن والأنموذج الحكومي المنبثق عنه لإدارة المجتمع البشري المعاصر، ويرجّحون النتاجات الفكرية الناقصة للإنسان على الحكومة الولائية للقرآن في رسم السياسات الحكومية، على أمل أن يزداد جميع أبناء شعبنا - لا سيما المخطّطين والمتصدين للشؤون الحكومية في ظل هذه التعليمات - إيماناً بضرورة محورية القرآن في المجتمع الإسلامي، وتوظيف تعاليمه في ميادين العمل.
في الخطبة المذكورة يصف عليعليهالسلام القرآن على أنّه معلّم فيقول : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لا يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لا يُضِلُّ، وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لا يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاّ قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، زِيَادَةٍ فِي هُدىً أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمىً .إلى أن يقولعليهالسلام :