أصبحت نتيجة الفصل السابق أنّ القرآن كتاب الهداية الإلهية، ونحن جميعاً مكلّفون بالإيمان به وأن ندير حياتنا ومجتمعنا على أساس توجيهات القرآن؛ لننال السعادة في الدنيا والآخرة، وذلك بالعمل بتعاليمه وأحكامه، واتخاذه أسوة على صعيد الحياة الفردية والاجتماعية، والآن نريد أن نطرح السؤال التالي : بالرغم من وجود القرآن - هذه الوصفة الشافية للأدواء الفردية والاجتماعية - بين أوساط المسلمين ومن بينها مجتمعنا الثوري والإسلامي، فلماذا نعاني في نفس الوقت من بعض المشكلات لاسيما المشكلات الثقافية ؟
ربّما ستجيبون مستعينين بالمطالب المتقدمة بأنّه لا يجري العمل بالقرآن وتعاليمه المنقذة كما ينبغي، وهذا الجواب وإن كان صحيحاً ولكن يبدو أن سؤالاً أهم يُطرح وهو لماذا لا يعمل بالقرآن كما ينبغي ؟ وفي الحقيقة ما هي الأسباب التي تؤدي إلى إضعاف القرآن في المجتمع، وأن يبتعد الناس تدريجياً عن القرآن والثقافة الدينية والقيم الإلهية ؟
نظراً لأنّ موضوع البحث هو القرآن في منظار نهج البلاغة فبإمكاننا طرح هذا السؤال بهذه الصيغة وهي : أين تكمن المشكلة الحقيقية لمجتمعنا في نظر عليعليهالسلام ، وما الطريق الذي يشقه أمامنا لعلاجها ؟ لغرض الإجابة عن هذا السؤال وبيان كلام عليعليهالسلام بهذا الصدد نورد مقدمةً في البداية، ومن ثَمّ نتطرق إلى الموضوع الأصلي.