بالذات المقدسة التي هي خير محض، ولا تريد إلاّ الخير للإنسان، ونبذ محورية الذات، وتحكيم محورية الله في النفس وتسليم النفس له.
كما جرت الإشارة آنفاً أنّ للإنسان رغبات وأفكاراً لا تنسجم تارةً مع رأي القرآن، وفي ضوء طبيعته الإنسانية يرغب بأن يتطابق القرآن مع رأيه ورغبته، وتارةً أخرى ربّما تؤثر تلك الأفكار والأحكام المسبقة بشكل لا إرادي في فهمه ودركه للقرآن، وبما أنّ مثل هذا الخطر يتهدّد كل إنسان في مقام تفسير القرآن، وأنّ الشيطان يتحيّن الفرص في كل آنٍ للإيقاع بالشخصيات الثقافية التي تدّعي فهم الدين؛ لحرف جماعةٍ من الناس عن جادة الحق، من المناسب جداً وحريٌ بنا أن نولي اهتماماً متميزاً لهذا المقطع من كلام عليعليهالسلام .
لغرض الأمن من الزلل في الفهم، وتحاشي ما يُحتمل من انحراف يقولعليهالسلام : ( وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ )، فعندما تتصدون لفهم وتفسير القرآن عليكم بتخطئة ما لديكم من، أحكام مسبقة، ومخزونات ذهنية، وميول وآراء في مقابل القرآن، ونحّوا جانباً آراءكم الشخصية وأهواءكم النفسية، وكما يُعبّرعليهالسلام اتهموا وخطئوا أنفسكم في مقابل القرآن.
جديرٌ ذكره أنّ التعبير المذكور يفيد ضرورة التزام أقصى الاحتياط ومراعاة الأمانة والتقوى في فهم القرآن الكريم والاستنباط منه؛ لأنّهعليهالسلام يصرّح بأن خطّئوا آرائكم في مقابل القرآن، واستقبلوا القرآن بذهنية ملؤها الإقرار بأنّني لا أعلم شيئاً، وكل ما يقوله القرآن حقٌ، ثمّ تصدّوا لفهم القرآن وتفسيره، ( وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ )، أي وانظروا إلى أهوائكم على أنّها ضالة وخاطئة؛ كي تحسنوا الاستفادة من القرآن وإلاّ فإنّكم في معرض الخطأ والانحراف على الدوام.
بناءً على هذا؛ إنّ جوهرة الدين وهي التسليم أمام الله تستدعي أن يكون الإنسان