مطيعاً محضاً لله سبحانه وتعالى، وأن يحكم بالبطلان على رأيه ووجهة نظره وأحكامه في مقابل أحكام الله وتعاليم القرآن الكريم، فعندما تحكم الإنسانَ مثل هذه الروحية، فمن الطبيعي أنّه يدرك القرآن والأحكام والتعاليم والمعارف الإلهية على وجه أفضل، إذ ذاك - وفي ضوء التسليم الذي يتمتع به - يتقبّلها من أعماق روحه وقلبه.
ثَمّة نمطان مختلفان من التفكير في التعامل مع المعارف الدينية والقرآن الكريم هما :
١ - الرؤية والتفكير القائم على روح التسليم والعبودية ومحورية الله.
٢ - الرؤية الروحية التي تجعل الأصالة للأهواء النفسية للإنسان، وتعمل على تفسير وتوجيه النصوص الدينية ومعارف القرآن بما يتفق مع رغباته النفسية، وتلك هي الفكرة الرائجة اليوم باسم ( اومانيزم ) أي الفكرة التي تطرح محورية الإنسان في قبال محورية الله.
يبدو أنّ هذا التصنيف أوسع مدىً من الأبحاث والمطالب المتقدمة؛ لأنّ الافتراض كان لحد الآن يقوم على إمكانية حصول نمطين من الفهم أحدهما يقوم على أساس روح التسليم والعبودية، والآخر فهم ربّما يكون متأثراً بالأهواء النفسية، واستناداً لذلك فلغرض تجنّب التفسير بالرأي في فهم القرآن، وأن يفهم كما هو قمنا ببيان وصية عليعليهالسلام في هذا المجال بناءً على أساس ضرورة تجنّب الحكم المسبق وتزكية العقل من الأهواء النفسية، وفي ضوء هذه الرؤية اعتبرنا كلا الفريقين المخاطبين بكلامهعليهالسلام مسلمَين، ولغرض تحاشي الانحراف في الدين والانزلاق في هاوية التفسير بالرأي، كنّا نوصي بمراعاة التقوى والابتعاد عن هوى النفس والحكم مسبقاً، والآن إذ نبحث المسألة بعمق أكثر فإنّنا نتوصل إلى أمور أدق، وندرك الإعجاز في كلام عليعليهالسلام لدى تصنيفه الناس في مجال العبودية إلى طائفتين رئيسيتين، ونطّلع أكثر فأكثر على المعرفة