أي نص ديني وكتاب سماوي آخر تابع لعقليات الناس أنفسهم، وليس أنّه ناطق بأمور قطعية ومحدّدة، أي أنّ القرآن أو أي نص آخر يفتقد المعنى والمضمون وليس ثمّة هدف مرسوم له، وبما أنّ لكل إنسان تصورات خاصة منبثقة عن قواعد تربوية وعائلية واجتماعية وغيرها، فهو عندما يواجه القرآن يستنبط منه الأمور في ضوء تصوراته الشخصية، وليس أنّ القرآن هو الذي ينطق بتلك الأمور، بل أنّ فهمه هو يطرح في إطار القرآن.
من الطبيعي أنّ الدين والقرآن بآياته وأحكامه يعتبر في ظل مثل هذه الرؤية وهذا الاعتقاد ألفاظاً وقوالب خالية من أي مضمون، وتصورات الإنسان هي التي تغذّي هذه الألفاظ بالمعنى والمفهوم، ويجري التصريح على أساس التصور الآنف الذكر أنّ القرآن أو أي نص ديني آخر لا يملك ما يقول، بل أنّ كل شخص يستنبط الموضوعات من القرآن والنصوص الدينية في ضوء تصوره الشخصي، وبديهي أنّ هذا النمط من الرؤية بالرغم من أنّه يتحدث حسب الظاهر عن الدين والقرآن والتعاليم والمعارف الدينية، إلاّ أنّه يعمد في الحقيقة إلى الاستخفاف والاستهزاء بالدين والمتدينين.
يبدو أنّ ما يُعرف اليوم في مجتمعنا باسم القراءات المتعددة للدين ناشئ عن رؤية الفريق الثاني، ورغم أنّ العنوان المذكور يردّده المثقفون المسلمون في ظاهرهم، لكن ينبغي البحث عن أساس فكرة القراءات المتعددة للدين في نظرية محورية الإنسان، فكما تقدمت الإشارة أنّ الفكر الآنف الذكر يعتبر التعاليم الدينية وأحكام الكتب السماوية عديمة المعنى، ويؤمن بأنّ القرآن وأي نص ديني آخر ساكتٌ ولا ينطوي على معنىً ومفهوم، بل نحن البشر الذين ننسب فهمنا وقراءتنا للدين والقرآن من خلال مخزوننا