14%

لهم بعلوم الدين ومعارفه يفتقد لأي قيمة وشأن، فبالرغم من أنّ القرآن نزل بلسان بليغ ومبين؛ ليفهمه الناس ويعملوا به، لكن ليس الأمر بأنّ عمق معارفه ممّا يتسنّى للجميع فهمه على مستوى واحد، فالمتيسر فهمه من القرآن لعامة الناس هو الظاهر من المعنى إذ يصرّح القرآن : نحن أنزلنا القرآن بلسان مبين، أي أنّ القرآن نزل بنحو يتسنّى لكل عارف بمبادئ وقواعد اللغة العربية وتهيمن عليه روح العبودية، أن ينتهل من القرآن وينتفع منه في حدود عقله ومعرفته، لكن الغور في عمق معاني القرآن ومعارفه يحتاج إلى مقدمات وتفكّر وتدبّر.يقول القرآن بهذا الصدد :( إِنّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ،(١) أو قوله :( إِنّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٢) .

على العموم أنّ الآيات التي تدعو الإنسان إلى التدبّر والتفكّر في القرآن ومعارفه تقول لنا : لا تكتفوا بظواهر القرآن، بل أدركوا عمق القرآن ودقائق معارفه، من خلال التدبر والتفكر والانتهال من علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، وانتفعوا أكثر فأكثر من كنز العلم الإلهي هذا، وعليه فإنّ فهم القرآن وتفسير علومه السامية إنّما هو قابلية المختصين والعارفين بعلوم أهل البيتعليهم‌السلام فقط، فليس الأمر أن يكون مباحاً لكل مَن وقف على قارعة الطريق أن يدلي بدلوه، ويكون بوسعه أن يتحدث دون أدنى معرفة بعلوم الدين وأصول وقواعد البيان والتفسير عن الدين وأحكامه ومعارفه، على أنّه يقوّم قراءةً جديدة.

المراتب المختلفة لمعاني القرآن وفهم معارفه

يظهر في الكثير من الروايات هذا المعنى من أنّ للقرآن ظاهراً وباطناً، وليس بمقدور كل أحد فهم عمق معارف القرآن، فالقرآن ليس كتاباً ومقالاً عادياً يستطيع جميع الناس إدراك جميع علومه، فكما تقدّمت الإشارة آنفاً أنّ القرآن بحر عميق بعيدة

____________________

(١) يوسف : ٢.

(٢) الزخرف : ٣.