يخاطب الإمام الباقرعليهالسلام جابراً بأنّ للقرآن باطناً وللباطن باطناً، والقرآن ذو ظاهر وللظاهر ظاهرٌ أيضاً، وعليك يا جابر أن تعرف أنّ عقول الرجال أعجز من أن تتصدى لتفسير حقيقة القرآن وباطنه؛ لأنّه ربّما يدور أوّل الآية حول شيء ما فيما يتحدث آخرها عن شيء آخر، فالقرآن كلام مترابط ذو قابلية على أن يتضمن عدة معاني دون أن يكون هنالك أدنى تناقض أو منافاة بين المعاني والمعارف.
ما يجري التأكيد عليه هنا هو أنّ فهم بواطن ودقائق معارف القرآن ليس بمستطاع الجميع، وبالطبع ليس المعنى من هذا الكلام أنّ القرآن نزل للأئمة والراسخين في العلم وحدهم، وأنّ الآخرين عاجزون حتى عن فهم ظاهر القرآن، بل أنّ ظاهر القرآن متيسر الانتفاع بالنسبة لكل إنسان في حدود فهمه وإدراكه وقابليته، شريطة أن ينحّي جانباً أحكامه المسبقة ورغباته وأهواءه النفسية، ويتجنّب التفسير بالرأي، وفيما يتصل بفهم القرآن ينبغي أن نشير إلى أمور نتطرق إليها في هذا المقطع من البحث.
كما جرى إثباته وبيانه في موضعه أنّ أحد منازل النبيصلىاللهعليهوآله فيما عدا شأن تلّقي الوحي وتبليغه، هو بيان الوحي وتفصيل الأحكام والتعاليم الإلهية، لقد نزل القرآن الكريم بهيئة مجموعة من القوانين والأحكام الكلية على النبيصلىاللهعليهوآله ، ولم يتصدَ بنفسه لبيان وتفصيل الأحكام والجزئيات، وفيما عدا موارد معدودات فقد أوكل مهمة تفصيلها وبيانها إلى النبيصلىاللهعليهوآله والأئمةعليهمالسلام ، فعلى سبيل المثال أنّ القرآن يأمر بالصلاة على نحو الإجمال ويطلب من المسلمين أن يؤدوا الصلاة، ولكن ما هي الصلاة وكم عدد ركعاتها وكيفية أدائها ؟ وما هي شروطها وتفاصيلها؟ فهذا ممّا لم يجرِ بيانه في القرآن، وقد أُنيطت مهمة تفصيل هذا الحكم الكلي وما شابهه بالنبيصلىاللهعليهوآله .بناءً على هذا؛ فإنّ تفسير وبيان الأحكام الإلهية مناط بالنبيصلىاللهعليهوآله ومن شؤونهصلىاللهعليهوآله .فالقرآن بدوره ينوّه إلى مسؤولية