فالقرآن كتاب الله هو الذي يجعلكم تبصرون الحق وتنطقون به وتسمعونه، والقرآن كتاب يفسّر بعضه بعضاً، ويشهد بعضه على البعض الآخر.
من موارد تفسير القرآن بالقرآن يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى الآية ١١ من سورة الشورى:( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .والآية ١٠ من سورة الفتح :( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) .
إنّ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) من محكمات القرآن ومعناها واضح ومعلوم، فالآية تقول ليس مثل الله شيء والله سبحانه وتعالى حقيقة لا مثيل لها، وفي الآية( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) يقول تعالى إنّ يد الله تعلو كافة الأيادي، فرغم أنّ هذه الآية تنسب اليد لله لكن الآية( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) تنفي هذا المعنى الظاهري، وفي ضوئها نفهم أن ليس المراد من اليد معناها الظاهري، بل ينبغي أن يكون المراد معاني كنائية من قبيل القدرة وما شابهها.وعليه؛ إنّ تفسير وبيان الآية( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) دون العودة إلى الآية( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) خروج عن النهج الصحيح للتفسير، وربّما يطرأ خطأ وفي ضوء التفسير الخاطئ تقدّم صورة خاطئة وجسمانية عن الله.
بناءً على هذا يجب أن نلتفت لدى تفسير القرآن إلى هذا الأمر، وهو أن ننظر إلى الآيات المترابطة مع بعضها، ونحاول فهمها بالاستعانة بالقرآن نفسه.
الأمر الرابع الذي يتعيّن الاهتمام به في تفسير القرآن، هو الالتزام بأصول وقواعد الحوار العقلائي في الفهم الصحيح للقرآن الكريم، لاسيما عندما لا يكون هنالك في متناول اليد حديث صحيح، أو بيان واضح عن النبيصلىاللهعليهوآله ، أو الأئمة المعصومينعليهمالسلام بشأن آية ما، فذلك ممّا يضاعف من ضرورة مراعاة مبادئ وقواعد الجدال العقلائي في الفهم الصحيح لآيات القرآن، وفي هذا المقطع يبرز دور أعلام الدين والمفسّرين والعارفين بعلوم أهل البيت، الذين افنوا عمرهم في فهم معارف القرآن وعلوم أهل البيت، في