14%

وجود الصور الكلامية في القرآن الكريم

بالرغم من أنّ القرآن الكريم - كما يصرّح هو بنفسه - قد نزل بلغة بيّنة وجليّة، وبإمكان كل إنسان أن ينتهل من هذا الكتاب السماوي في حدود فهمه وقابليته، لكن من الضروري الانتباه إلى هذا الأمر وهو أنّ القرآن يتمتع بأفصح وأبلغ الصور الكلامية والبيانية، ومن الطبيعي أنّ الالتفات إلى الأمور الآنفة الذكر، من الشروط الرئيسية للاستفادة الصحيحة والسليمة من القرآن الكريم.

قد تقوم آية ما في القرآن الكريم ببيان حكم بشكل إجمالي وعام، وفي آية أخرى يجري توضيح حدود ذلك الحكم، أو أن يتم بيان حكم في آية بصورة مطلقة ويستفاد قيده وشرطه من آية أخرى، كما أنّ بيان الموضوع عن طريق المثال واستخدام الكناية والاستعارة والمجاز وما شابه ذلك من الطرق المستخدمة في القرآن؛ ونظراً لأن الناس هم المخاطبون في القرآن وأنّ الطرق المذكورة تعد من محاسن الكلام الإنساني والعقلائي في بيان الغاية، فإنّ القرآن يستعين بهذه الطرق بأروع شكل ممكن في بيان أحكامه ومعارفه.بناءً على هذا؛ إنّ الطرق المستخدمة في القرآن هي ذاتها الطرق التي يستخدمها العقلاء في بيان كلامهم، مع فارق أنّ نوع وكيفية استخدام الفنون البيانية المستخدمة في القرآن، لا يمكن مقارنتها من حيث المرتبة والروعة والسلامة مع استخدام المحاسن المذكورة في كلام الإنسان، والسبب في ذلك هو؛ أنّ القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، الذي نزل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأفصح وأبلغ بيان، وعلّم البشر أصول الفصاحة والبلاغة، وقد دعا هذا الكتاب الناس بأروع وأفصح وأبلغ كلامٍ إلى التوحيد والهداية والتكامل والسعادة.

إنّ خلاصة ونتيجة موضوعات القسم الأخير من هذا الفصل تتمثل في عبارة واحدة هي : أنّ معرفة جوانب ومحاسن الكلام المستخدم في القرآن إلى جانب الأمور المتقدمة من الشروط الضرورية لفهمه، وممّا لا شك فيه أنّ إهمالها سيؤدي إلى سوء الفهم والتفسير الخاطئ.