14%

إنّ محكمات القرآن عبارة عن الآيات الواضحة معانيها، ومعارفها لا تقبل الشك، وهذه الآيات تمثّل أصول وأُمّهات معارف القرآن، فمعيار وملاك صحة وعدم صحة المعارف الدينية هي المحكمات وأُمّهات القرآن، وفي المقابل هنالك آيات ليس ممكناً فهمها دون الاستعانة بالمحكمات، وليس للجميع إدراك عمق معانيها، ويعبّر عن هذه الطائفة من آيات القرآن بالمتشابهات.

لقد نهى القرآن الناس عن اتّباع المتشابهات بدون الاستعانة بالمحكمات وبتفسير وبيان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة المعصومينعليهم‌السلام ، فالقرآن الكريم يعتبر اتّباع المتشابهات دليلاً على انحراف القلب، ويصرّح بأنّ الذين يجعلون متشابهات القرآن ملاكاً لفكرهم وفهمهم وعقائدهم، إنّما يسعون وراء الفتنة وتأويل القرآن وتحريفه، وبتصريح القرآن لا يعلم تأويل وتفسير الآيات المتشابهة إلاّ الله والراسخون في العلم والأئمة المعصومينعليهم‌السلام ، والراسخون في العلم هم الذين تقبّلوا العبودية لله بكل كيانهم قائلين : آمنا بالقرآن محكماته ومتشابهاته كلّ من عند ربنا.

الحكمة من وجود المتشابهات في القرآن

هنا ربّما يتبادر هذا السؤال وهو، لماذا لم ينزل القرآن بنحو تكون جميع آياته بيّنةً ومحكمةً بعيدة عن أي إبهام وإجمال؛ لتكون يسيرة الفهم والفائدة للجميع على حد سواء ؟

للإجابة على هذا السؤال نورد في البداية مقدمةً موجزة : إنّ عقلنا نحن العاديين من الناس تابع للعوامل الطبيعية، فعندما يولد الناس العاديون يتعرفون على الحسيات في البداية عن طريق الحواس، وفي البداية يتبلور فهمهم وإدراكهم في حدود المحسوسات والماديات، لكن القوى الفكرية للإنسان تنمو تدريجياً، وتحصل شيئاً فشيئاً على القدرة على التجريد، وبالنتيجة تحصل لديه القابلية على إدراك الأمور ما فوق المادية، فكلما