المتشابهات ملاكاً لفكرهم وعملهم، ويحملون الآيات المتشابهات من القرآن الكريم على معاني حسيّة بدون الالتفات إلى الآيات المحكمات، ويوفّرون بذلك دواعي ضلالهم وضلال غيرهم.
من الطبيعي أنّ مَن يريدون مجابهة الدين والقرآن والمعارف والقيم الدينية في أوساط المجتمع الإسلامي، لا يتّبعون أبداً أسلوب المجابهة المباشرة لتحقيق أغراضهم؛ لأنّهم يعلمون جيداً بأنّهم في مثل هذه الحالة سيواجهون معارضةً عامّة من قِبل أبناء الشعب المسلم، وسيفشلون في الخطوة الأُولى، إنّهم يستخدمون الأساليب النفسية الأساسية والمناسبة من أجل تحقيق أهدافهم الشيطانية.
إنّ أحد أساليبهم مزج الحق والباطل، فهم يمزجون الحق والباطل، وينشرون مزيجاً من كلام الحق والباطل ببيان جميل؛ لكي يتلقّى المخاطبون - الذين لا يملكون أحياناً الوعي والخُبرة اللازمة للتمييز بين كلام الحق من الباطل - كلامهم بالقبول، لكي يلقون بالنتيجة في ذهن السامع الغافل الكلام الباطل المزيّن بثوب الحق، والمخفي تحت نقاب من البيان الأدبي الجميل.
قال الإمام عليعليهالسلام : ( فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ، وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَمِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنى )(١) .
من الطبيعي أنّ المنحرفين ومَن يعبّر عنهم القرآن بأنّ قلوبهم ونفوسهم في ضيق وغير مستعدّين للخضوع لله، يجعلون الآيات المتشابهة والروايات المشكوك في
____________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٥٠.