8%

كلمةُ المركز

يبحث هذا الكتاب في الفكر الاقتصادي الإسلامي، فيُعالج خمس قضايا أساسيّة مِن قضاياه، ولا يخفى على أيّ معنيٍّ بهذا الشأن، أنّ قضايا الفكر الاقتصادي تُعدّ، وبخاصّة في مجتمعات البلدان النامية، وبلادنا منها، من القضايا المركزيّة الكبرى المفروض أن تُولى أهمّية خاصّة، وقد درج كثير من الباحثين في هذا المجال على استلهام النُظم الوضعيّة، والغربيّة منها بخاصّة، مُعتقدين أنّ الإسلام يُقدّم مجموعة نُظم جزئيّة أخلاقيّة تقتصر على معالجة قضايا التوزيع؛ الأمر الذي جعلهم يرون استحالة تقدّم المجتمع الذي تحكمه هذه النُظم، وبغية تأكيد وجهة نظرهم هذه يقدّمون ما عرفته البلدان الإسلاميّة من نُظم، ومنها بخاصّة نظام الدولة العُثمانية، ويقارنون بينها وبين ما عرفته الدول الأوروبية من نُظم مُختلفـة، ويرون أنّ النُظم الأُولى لم توفّر ما يُلبّي حاجات الإنسان الأساسيّة؛ بسبب فقدانها القدرة الذاتية على النموّ والتطوّر والإنتاج وتجاوز وضعها الساكن، في حين أنّ النُظم الثانية وفّرت تلك الحاجات، ومضت في تجاوز مستمرّ لكل وضع تصل إليه.

يدرك مؤلّف هذا الكتاب وجهة النّظر هذه، ويتّفق مع أصحابها في القول بأنّ تقدّم المجتمع هو غايةُ أيّ نظام، وقدرته على تحقيقها هي وسيلة فحص صلاحيّته، لكنّه يختلف معهم في ما تبقّى مِن قول؛ ذلك أن النُظم التي يقدّمونها، بوصفها نماذج للنظام الإسلامي، ليست كذلك، فهي لا تمثّل النظام الإسلامي المُنبثق من النظرية الإسلاميّة الشاملة الرائية إلى الكون والحياة والعلاقات بين الناس، والتي يمثّل القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة مصدرها.

مِن هنا كانت الحاجة ماسّة إلى بيان هذه النظرية في مُختلف المجالات، وبخاصّة في مجال الفكر الاقتصادي، الذي يقلّ البحث فيه، وتبرز الحاجة أكثر إلحاحاً وضرورة.