مِنْ صدَاقِ فَاطِمَةعليهاالسلام
الشّفَاعَة يَوْم القيَامَة
إن كانت السيدة فاطمةعليهاالسلام قد تزوّجت بهذا المهر القليل نزولاً عند رغبة أبيها الرسول - حتى يقتدي به المسلمون - وتحقيقاً لأهدافه الحكيمة، فليس معنى ذلك أن تنسى السيدة فاطمة نفسها، أو تنسى عظمتها، بل لابدّ من المحافظة على مقامها الأسمى وحقيقتها الشريفة، ومكانتها العليا، وطموحها نحو الفضائل والقيم، ولهذا فقد روى أحمد بن يوسف الدمشقي في: (أخبار الدول وآثار الأول) قال: (وقد ورد في الخبر أنّها لما سمعت بأنّ أباها زوّجها وجعل الدراهم مهراً لها، فقالت: يا رسول الله إنّ بنات الناس يتزوّجن بالدراهم فما الفرق بيني وبينهن؟ أسألك أن تردّها، وتدعو الله تعالى أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أُمّتك، فنزل جبرئيلعليهالسلام ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: (جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من أُمّة أبيها) فلمّا احتضرت أوصت بأن توضع تلك البطاقة على صدرها تحت الكفن. فوضعت، وقالت: إذا حشرت يوم القيامة رفعت تلك البطاقة بيدي وشفعت في عصاة أُمّة أبي(1) .
إنّ هذا الحديث - كما تراه - يدل على ما كانت تتمتّع به السيدة فاطمة الزهراء من علو الهمّة وسموّ النفس، وعظمة الشخصية، وبُعد
____________________
(1) سنوافيك في أواخر هذا الكتاب بطائفة كبيرة من الأحاديث حول شفاعتها يوم القيامة.