التّجَاسُرُ عَلَى أهْلِ بَيْتِ الرسُول
قال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة: لما سمع أبو بكر خطبتها المذكورة وما وقع بين الناس من الاختلاف والهمهمة في سوء تلك المقدّمة، وخاف أن تنعكس القضية شقّ عليه ذلك فصعد المنبر فقال:
أيّها الناس! ما هذه الرعة إلى كل قالة؟ أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله؟ ألا مَن سمع فليقل، ومَن شهد فليتكلّم، إنّما هو ثعالة شهيده ذَنَبه مربّ لكل فتنة هو الذي يقول: كرّوها جذعة بعد ما هرمت يستعينون بالضعفة ويستنصرون بالنساء، كأم طحال أحبّ أهلها إليها البغي ألا إنّي لو أشاء لقلت، ولو قلت لَبُحت، إنّي ساكت ما تُركت.
ثم التفت إلى الأنصار فقال: يا معشر الأنصار قد بلغني مقالة سفهائكم وأحق مَن لزم عهد رسول الله أنتم، فقد جاءكم فآويتم ونصرتم، ألا: إنّي لست باسطاً يداً ولساناً على مَن لم يستحق ذلك منّا. ثم نزل.
ثم قال ابن أبي الحديد: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري وقلت له: بمن يعترض؟ فقال: بل يصرّح. قلت: لو صرّح لم أسألك. فضحك فقال: لعلي بن أبي طالب!! قلت: هذا الكلام كله لعلّي يقوله؟ قال: نعم إنّه المـُلك يا بني.