3%

التي تمر مرّ السحاب.

أقبلت الزهراء تزحف أو تمشي مُتّكئة على الجدار نحو الموضع الذي يوجد فيه الماء من بيتها، وشرعت تغسل أطفالها بيديها المرتعشتين، ثم دعت أطفالها وطفقت تغسل رُؤوسهم بالماء والطين؛ لأنّها لم تجد غسيلاً غير الطين.

قف بنا لحظة! لنبكي على هذه السيدة التي قد اقترب أجلها، وهي تلمس رُؤوس أطفالها وأبدانهم النحيفة، وكأنّها تودّعهم، وما يدريك أنّها - حينذاك - كانت تبكي بصوت خافت، وتتقاطر الدموع من جوانب عينيها الغائرتين، وتسيل على وجهها المنكسف لتغسل الذبول المستولي عليه.

ودخل الإمام عليعليه‌السلام البيت، وإذا به يرى عزيزته قد غادرت فراش العلّة وهي تمارس أعمالها المنزلية.

رقَّ لها قلب الإِمام حين نظر إليها وقد عادت إلى أعمالها المتعبة التي كانت تجهدها أيام صحّتها، فلا عجب إذا سألها من سبب قيامها بتلك الأعمال بالرغم من انحراف صحّتها.

أجابته بكل صراحة: لأنّ هذا اليوم آخر يوم من أيام حياتي، قمت لأغسل رُؤوس أطفالي لأنّهم سيصبحون بلا أُم!!

سألها الإِمام عن مصدر هذا النبأْ فأخبرته بالرؤْيا، فهي بذلك قد نعت نفسها إلى زوجها بما لا يقبل الشك.

وصايا فاطمة الزهراء

إذن، فالسيدة فاطمة في أواخر ساعات الحياة، وقد حان لها أن تكاشف زوجها بما أضمرته في صدرها - طيلة هذه المدّة - من الوصايا التي يجب