ما بعد الوفاة
ارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قُبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصاح أهل المدينة صيحة واحدة، واجتمعت نساء أهل المدينة في دار السيدة فاطمة، فرأينها مسجّاة في حجرتها، وحولها أيتامها يبكون على أُمهم التي فقدوها في عنفوان شبابها، صرخت النساء صرخة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهن وهن يصحن: يا سيدتاه، يا بنت رسول الله(1) .
وأقبل الناس مسرعين وازدحموا مثل عُرف الفرس على باب البيت، وعلي جالس، والحسن والحسين بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما.
وكانت أم كلثوم تبكي وتقول: يا أبتاه يا رسول الله!
الآن حقّاً فقدناك.
فقداً لا لقاء بعده أبداً.
وجاءت عائشة لتدخل فقالت أسماء: لا تدخلي. فكلَّمت عائشة أبا بكر فقالت: إنّ الخثعمية تحول بيننا وبين ابنة رسول الله وقد جعلت لها هودج العروس.
فجاء أبو بكر فوقف على الباب فقال: يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبي أن يدخلن على بنت رسول الله؟ وجعلتِ لها مثل
____________________
(1) المجالس السنية ج 5.