الباب الرابع : أئمّة المذاهب الأربعة
وبعد الفراغ مِن البحث والتّحقيق عن التفسير والمفسِّرين ، وعن الصِحاح الستّة وأصحابها ، تصل النوبة إلى دراسةٍ موجزة عن الأئمّة الأربعة : مالك ومُوطّئِه ، وأبي حنيفة وفقهه ، والشافعي ، وأحمد ومسنده... على ضوء أقوال كبار علماء القوم ، كما في أشهر كُتُبِهم :
مالك بن أَنَسْ
فقد تكلّم غير واحدٍ مِن الأئمّة... في مالك... وذكروا لذلك عدّة أسباب :
إطلاق لسانه في الصالحين
منها : إنّه قد أطلق لسانه في قومٍ معروفين بالصلاح والثقة ، فقد قال المزّي :
( قال الحافظ أبو بكر الخطيب : قد ذكر بعض العلماء أنّ مالكاً عابه جماعة مِن أهل العِلم في زمانه بإطلاق لسانه في قومٍ معروفين بالصلاح والديانة والثقة والأمانة ، واحتجّ بما أخبرني الرمّاني قال : حدّثني محمّد بن أحمد بن محمّد بن عبد الملك الآدمي قال : حدّثنا محمّد بن علي الأيادي قال : ثنا زكريّا بن يحيى الساجي قال : حدّثني أحمد بن محمّد البغدادي قال : حدّثنا إبراهيم بن المنذر قال : حدّثنا محمّد بن فليح قال : قال لي مالك بن أنس : هشام بن عروة كذّاب.... )(١) .
ولا يخفى : أنّ إطلاق اللسان في الصالحين ذنبٌ عظيم وفسقٌ كبير ، وقد ذكر ابن الجوزي أنّ مِن تلبيس إبليس على أصحاب الحديث قدح بعضهم في
_______________________
(١) تهذيب الكمال ٢٤ : ٤١٥ / ٥٠٥٧ .