ذكره وإذا لم يحتج إليه تركه ، فهذا إنْ صحّ مِن مالك أورث ذلك طعْناً في روايته وفي ديانته ، ولو كان الأمر كذلك ، فكيف جاز للشافعي أنْ يتمسّك بروايات مالك ؟ وكيف يجوز أنْ يقول : إذا ذكرت الأئمّة فمالك النجم ؟ ) .
لكنّ المقدّم ـ وهو قدح مالك في عكرمة وروايته عنه ـ ثابت بنقل الرازي نفسه عن الشافعي ، فالتالي ـ وهو إيراث ذلك الطعن في روايته وديانته ـ ثابت... وتشكيك الرازي باطل مردود ؛ وإلاّ لتوجّه الطعن إلى الشافعي ، وقد وضع الرازي كتابه للإشادة بفضله وترجيح مذهبه على المذاهب ، وإقامة الحجّة على ذلك كقوله :
تكلّم أحمد بن حنبل فيه
( الحجّة الثالثة : إنّ أكابر علماء الحديث أقرّوا له بالفضل والقوّة في هذا العِلم ، رُويَ أنّ أحمد بن حنبل سُئل هل كان الشافعي صاحب حديث ؟ فقال : إي والله كان صاحب حديث وكرّرها ثلاثاً ورَوَيْنا أنّه سمع الموطّأ عليه وقال : إنّه ثَبْتٌ فيه. وسُئل أحمد بن حنبل عن مالك فقال : حديثٌ صحيح ورأيٌ ضعيف ، وسُئل عن الأوزاعي فقال كذلك ، وسُئل عن الشافعي فقال : حديثٌ صحيح ورأيٌ قويّ ، وسُئل عن أبي فلان فقال : لا رأي ولا حديث .
قال البيهقي : وإنّما قال أحمد عن مالك ذلك ، لأنّه كان يترك الحديث الصحيح لعمل أهل المدينة ، وإنّما قال عن الأوزاعي ذلك ، لأنّه كان يحتجّ بالمقاطيع والمراسيل في بعض المسائل ثمّ يقيس عليها ، وإنّما قال في الشافعي ذلك ، لأنّه كان لا يرى الاحتجاج إلاّ بالحديث الصحيح ثمّ يقيس الفروع عليها ، وإنّما قال في أبي فلان ذلك ، لأنّه كان يقبل المجاهيل والمقاطيع