أبو حنيفة النعمان بن ثابت
رسالة إمام الحرَمَيْن
لقد ألَّف إمام الحرمين الجويني(١) رسالةً في ذمّ أبي حنيفة والطعن على أقواله وفتاواه ، وأسماها ( مغيث الخَلْق في اختيار الحقّ ) وقد تركتْ هذه الرسالة أثراً بالغاً في نفوس الناس ، وتحيّر الحنفيّة في علاج الأمر ، ولم يجد بعضهم بدّاً مِن إنكار الرسالة ونفي كونها لإمام الحرمين وزعم أنّها موضوعة عليه ، كالشيخ ملاّ عليّ القاري ، فإنّه كتب جواباً عنها وقال في خطبته :
( يقول أفقر عباد الله الغنيّ الباري عليّ بن سلطان الهروي القاري : رأيت رسالة مصنوعةً في ذمّ مذهب السّادة الحنفيّة ـ الذين هم قادة الأُمّة الحنفيّة وأكثر أهل الملّة الإسلاميّة ـ وموضوعة ، فيها أشياء مِن أعجب العجاب التي تشير إلى أنّ قائلها جاهل أو كذّاب ، وهي مِنسوبة إلى أبي المعالي عبد الملك ابن عبد الله بن يوسف الجويني المشهور بإمام الحرمين ، مِن أكابر علماء مذهب الشافعي ، وحسن ظنّي به أنّ أحداً مِن الخوارج أو الرافضة ـ الحاسدين لاجتماع أهل السنّة والجماعة على طريقة واحدة مشتملة على المستنبَط مِن
_______________________
(١) وهو : أبو المعالي عبد الملك الشافعي ، المتوفى سنة ٤٧٨هـ ، توجد ترجمته في : طبقات الشافعية للسبكي ٥ : ١٦٥، وفيات الأعيان ٣ : ١٦٧ ، المِنتظم ٩ : ١٨ ، سِيَر أعلام النبلاء ١٨ : ٤٦٨ .