تعالى ، وذلك غيب لا يُعرف إلاّ في مَن مات كافراً ، فإنّ ذلك عُلِم بالشرع ، وأمّا الترحّم عليه فهو جائز ، بل مستحب ، بل هو داخل في قولنا في كلّ صلاة : اللّهمّ اغفر للمؤمِنين والمؤمِنات فإنّه مؤمِناً والله أعلم )(١) .
كتاب المنخول للغزالي
ثم إنّ بعضهم لمّا رأى هذا الطعن والذمّ الشديد مِن إمامهم الغزالي في أبي حنيفة في كتاب المنخول ، ولم يتمكّن مِن تكذيب الغزالي ، اضطرّ إلى نفي نسبة الكتاب المذكور إليه ، فقال بأنّه ليس مِن تصانيف الغزالي صاحب إحياء العلوم ، بل هو تأليف محمود الغزالي المعتزلي .
ولكنّ هذه المحاولة أيضاً للدفاع والحماية عن أبي حنيفة لا تجدي نفعاً ، فالكتاب للغزالي قطعاً... وقد ذكره له كبار العلماء والمؤرّخين المشاهير ، كابن خلّكان ، واليافعي ، بترجمة الغزالي في عداد مصنّفاته(٢) .
كما اعترف الملاّ عليّ القاري بذلك في كتابه المؤلَّف ردّاً على إمام الحرمين فقال :
( ثم رأيت الإمام الكردري صنّف تصنيفاً في الردّ على الغزالي فيما نقل عنه أنّه ذكر في كتابه المنخول طعناً في أبي حنيفة وأصحابه الفحول ، ولعلّه كان في أيّام جهالته وزمان حيرته ومبدأ ضلالته ، قبل أن يدخل في طريق الأولياء وتصنيفه الإحياء ، على ما تدلّ عليه ترجمته للإمام الأعظم مع سائر العلماء ) .
_______________________
(١) وفيات الأعيان ٣ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩ .
(٢) وفيات الأعيان ٤ : ٢١٨ ، مرآة الجنان ٣ : ١٣٧ .