وقال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في ( تحصيل الكمال ) في ترجمة أبي حنيفة في ذكر مسنده الذي جمعه أبو المؤيّد الخوارزمي : ( ورتّبه على أبواب الفقه وذبّ عنه ما تكلّم فيه بعض الناس ، خصوصاً الخطيب البغدادي المتعصّب المكابر مع هذا الإمام العظيم الشأن ، ولقد ناقض هذا الرجل المكابر نفسه في ما ذكر مِن المطاعن والعيوب ، وتهافت كلامه في ذلك وتساقط مِن القلوب ) .
بين أبي حنيفة وسفيان الثوري
إلاّ أنّ هذا لا يجدي نفعاً ، وقد ذكر البخاري في ( التاريخ الصغير ) :
( حدّثنا نعيم بن حمّاد قال : حدّثنا الفزاري قال : كنت عند سفيان ، فنُعي النعمان فقال : الحمد لله كان ينقض الإسلام عروة عروة ، ما وُلد في الإسلام أشأم منه )(١) .
واضطرّ بعض الأعلام لأنْ ينصحوا الناس بعدم الإصغاء لمثل هذه القضايا ، فيقول السبكي :
( فإيّاك ثمّ إيّاك أن تصغي إلى ما اتّفق بين أبي حنيفة وسفيان الثوري ، أو بين مالك وابن أبي ذئب ، أو بين أحمد بن صالح والنسائي ، أو بين أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي ، وهلمّ جرّاً إلى زمان الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام والشيخ تقيّ الدين ابن الصلاح .
فإنّك إن اشتغلت بذلك خشيت عليّك الهلاك )(٢) .
_______________________
(١) التاريخ الصغير للبخاري ٢ : ٩٣ .
(٢) طبقات الشافعية للسبكي ٢ : ٢٧٨ ترجمة الحارث بن أسد المحاسبي .