ثمّ قلت : أتعلّم النحو ، فقلت : إذا حفظت النحو والعربيّة ما يكون آخر أمري ؟
قالوا : تقعد مُعلِّماً فأكبر رزقك ديناران أو ثلاثة .
قلت : وهذا لا عاقبة له .
قلت : فإن نظرت في الشِعْر ، فلم يكن أحد أشعر منّي ما يكون أمري ؟
قالوا : تمدح هذا ، فيهب لك أو يحملك على دابّة ويخلع عليك خلعة ، وإن حرمك هجوته فصرتَ تقذف المحصنات .
فقلت : لا حاجة لي في هذا .
قلت : فإن نظرت في الكلام ما يكون آخره ؟
قالوا : لا يسلم مَن نظر في الكلام مِن مشنّعات الكلام ، فيُرمى بالزندقة ، فإمّا أن يؤخذ فيقتل وإمّا أن يسلم فيكون مذموماً ملوماً .
قلت : فإن تعلّمت الفقه ؟
قالوا : تُسأل وتُفتي الناس وتُطلب للقضاء وإن كنت شابّاً .
قلت : ليس في العلوم شيء أنفع مِن هذا فلزمت الفقه وتعلّمته )(١) .
فظهر أنّ الرجل لم يتعلّم القرآن والحديث والكلام ، ولو صرفنا النظر عن علم الكلام واعتذرنا له بترك غيره مِن علمائهم هذا العلم أيضاً ، كالشافعي الذي ذمّ الكلام بشدّةٍ ، فما العذر في ترك القرآن والحديث ؟
فضل علم الحديث
قال الكرماني في ( شرح البخاري ) :
_______________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٣١ .